فائدة لغوية «25: الطَّاغُوت بين الأصل والمعنى
الطاغوت تعني كل معبود من دون الله، أو الشيطان، أو الكاهن، أو شخص يكون رأسًا في الضلال، ويضيف الراغب الأصفهانى فى «مفردات القرآن: مادة طغى»: الطاغوت عبارة عن كل متعد، والساحر والمارد والجن والصارف عن طريق الخير. والشيخ فخر الدين الطريحي في «غريب القرآن الكريم: مادة طغا»، يقول: ”وقيل أن الطاغوت اسم للشيطان، والطاغوت من الإنس والجن“.
المعاجم العربية تَكلَّفت في تأصيل ”طاغوت“ تحت مادة «طغى»، فعلى سبيل المثال، ابن منظور في لسان العرب: يقول: ”وزنه فعلوت إنما هو طغيوت، قدمت الياء قبل الغين، وهي مفتوحة وقبلها فتحة فقلبت ألفا. وطاغوت، وإن جاء على وزن لاهوت فهو مقلوب لأنه من طغى، ولاهوت غير مقلوب لأنه من لاه بمنزلة الرغبوت والرهبوت، وأصل وزن طاغوت طغيوت على فعلوت، ثم قدمت الياء قبل الغين محافظة على بقائها فصار طيغوت، ووزنه فلعوت، ثم قلبت الياء ألفا لتحركها وانفتاح ما قبلها فصار طاغوت. وقوله تعالى: يؤمنون بالجبت والطاغوت، قال الليث: الطاغوت تاؤها زائدة وهي مشتقة من طغى“... انتهى.
هذا تكلف لا داعي له، ويحوي عمليات لغوية متعددة تفتقد رشاقة البساطة وانسيابية البيان، لذا يجب استبعاده لوجود التفسير الأسهل والأقرب للواقع، ألا وهو أن ”الطاغوت“، عند علماء اللغة والتفسير القدماء، على سبيل المثال، جلال الدين السيوطي ومحمد بن عبد الباقي البخاري [1] ، معربة من الحبشية، وهي في الأصل لبعض هذه المعاني المذكورة «معجم ألفاظ القرآن الكريم، مجمع اللغة العربية في القاهرة، مادة: طغى»، فلا صحة لاشتقاقها من ”طغى“ ولا لبيان وزنها من هذه المادة.
توجد في «الطاغوت» ثلاثة أقوال:
الأول: أنه اسم مفرد كاسم الجنس يقع للقليل والكثير، وهو مؤنث الأصل، وهو قول سيبويه، والسيرافي.
الثاني: أنه جمع وليس مفردًا، وهو قول المبرد.
الثالث: أنه مصدر وليس بجمع، ويوصف به الواحد والجمع، ويذكر ويؤنث، والأصل فيه التذكير، وهو قول الأكثرية «الكسائي والفراء وابن السكيت وغيرهم». ويتفق هذا القول مع القول الأول في أن «الطاغوت» اسم مفرد وليس بجمع، وأنه يستعمل للقليل والكثير، ويوصف به الواحد والجماعة، لكن يخالفه بأنه مذكر الأصل، وإنما يحمل على المعنى فيأُنِّثَ «الفارسي».
وهذا ما تجده في المعاجم المعاصرة: الطاغوت اسم يكون للواحد والجمع، ويؤنث ويذكر.
قد وردت في القرآن الكريم ثمان «8» مرات، على سبيل المثال:
﴿فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِالله فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى﴾ «البقرة: 256»
ولو تتبعنا تفسير هذه الآيات الثمان فى مواضعها نجدها لا تخرج عن المعاني المذكورة في فقرة ”المعنى“ أعلاه، خاصة ”الشيطان“، وما يرتبط به من معانٍ، وفي آية ﴿يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ﴾ «النساء: 60» تعني ”رأس الضلال“ «إشارة إلى كعب بن الأشرف» [2] .