فائدة لغوية «15»: ”عبارات في كلمة“
بين اللغة والاقتصاد «بمفهومه العام» علاقة وطيدة، ومن خلالها تسمح اللغة لمستعمليها «أهلها ومتعلميها» بتوفير الجهد والوقت في استعمالها أو كتابتها. على سبيل المثال في اللغة العربية، هناك ”كلمات“ «أفعال وأسماء» تحمل عبارات من عدة كلمات، تريح العربي من نطق تلك العبارات الطويلة كاملة [1] . وهذه الكلمات ناتجة عن عملية اشتقاقية تسمى ”النحت“، ويعدُّ الخليل بن أحمد الفراهيدي «170-100 ه» أوَّل من أشار إلى ظاهرة النحت في اللغة العربية عند ما قال: ”إنَّ العين لا تأتلف مع الحاء في كلمة واحدة لقرب مخرجيهما، إلا أن يشتقَّ فعلٌ من جمع بين كلمتين مثل - حيَّ على - كما في قول الشاعر:
أَقُولُ لَهَا وَدَمْعُ العَيْنِ جَارٍ أَلَمْ يَحْزُنْكِ حَيْعَلَةُ المُنَادِي؟“ [2]
إضافة إلى حيعل/يحيعل «الفعل» وحيعلة «الاسم، المصدر»، والفاعل ”مُحَيْعِل“، نحت العرب كلمات عديدة على غرارها، منها:
بَسْمَلَ الرجل - إذا قال: ”بسم الله «الرحم الرحيم»“. و”البسملة“ اسم الفعل، والفاعل ”مُبَسْمِل“ على وزن ”مُفَعْلِل“، قال عمر بن أبي ربيعة «93-23 ه»:
لقد بَسْمَلَتْ ليلى غداة لقيتها... فيا حبذا ذاك الحبيب المُبَسْمِلُ
تَرَحَّمَ - إذا دعا بالرحمة، فمثلًا، ”ترحم عليه“ قال ”رحمه الله“، والتَّرحُّم اسم الفعل، والفاعل مُتَرَحِّم
تَعوَّذَ - إذا قال: ”أعوذ بالله“، والتَّعَوُّذ اسم الفعل، والفاعل مُتَعَوِّذ
جَعْفَلَ - إذا قال: ”جعلت فداك“، والجعفلة اسمها، والفاعل، مُجَعْفِل [3]
حَمْدَلَ - إذا قال: ”الحمد لله“. والتحميد، اسم الفعل، والفاعل مُحَمْدِل
حَوْقَلَ - إذا قال: ”لا حول ولا قوة إلا بالله“، و”الحوقلة“ اسم الفعل، والفاعل مُحَوْقِل [4]
حَيْصَلَ - إذا قال: ”حي على الصلاة“، والحيصلة اسم الفعل والفاعل مُحَيْصل
حَيْفَلَ - إذا قال: ”حي على الفلاح“، والحيفلة اسم الفعل، والفاعل مُحَيْفِل
دَمْعَزَ - إذا قال: ”أدام الله عزك“. والدمعزة اسم الفعل، والفاعل مُدَعْمِز.
سَبْحَلَ - إذا قال: ”سبحان الله“. والسبحلة اسم الفعل، والفاعل مُسَبْحِل
طَبْقَلَ - إذا قال: ”أطال الله بقاءك“، والطبقلة اسم الفعل، والفاعل مُطَبْقِل [5]
كَبَّرَ - إذا قال: ”الله أكبر“، والتكبير، اسم الفعل، والفاعل مُكَبِّر
هَلَّلَ - إذا قال: ”لا إله إلا الله“، والتهليل اسم الفعل، والفاعل مُهَلِّل
واللغة العربية فيها ذخيرة غنية من مثل هذه الأفعال المنحوتة من عبارات تامة، على سبيل المثال، أفعال التحية والسلام والتهنئة والمباركة، وغير ذلك، فمثلًا: رَفَّأَ المتزوجَ: دعا له بقوله: ”بالرِّفاءِ والبنين“، أي بالاتفاق والوئام وإنجاب الأولاد.