آخر تحديث: 22 / 11 / 2024م - 1:35 ص

فائدة لغوية «16»: ”لِسَانِي لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُبِيْن“

الدكتور أحمد فتح الله *

في كتاب ”المطر والسحاب“ «ص: 2» [1]  يذكر ابن دريد [2] ، العالم اللغوي العربي، مجلسًا جمع رسول الله ﷺ مع أصحابه ”إذ نشأت سحابة،

فقالوا: يا رسول الله، هذه سحابة،

فقال: كيف ترون قواعدها؟

قالوا: ما أحسنها وأشد تمكنها!

قال: وكيف ترون رحاها؟

قالوا: ما أحسنها وأشد استدارتها!

قال: فكيف ترون بواسقها؟

قالوا: ما أحسنها وأشد استقامتها!

قال: كيف ترون برقها: أوميضًا أم خفوًا، أم يشق شقًا؟

قالوا: بل يشق شقًا،

قال: فكيف ترون جونها؟

قالوا: ما أحسنه وأشد سواده!

فقال ﷺ: الحيا،

فقالوا: يا رسول الله ما رأينا الذي هو أفصح منك،

فقال: وما يمنعني، وإنما أنزل القرآن بلساني لسان عربي مبين“.

ثم يشرح ابن دريد معاني مفردات هذه المحاورة الجميلة:

قواعدها: أسافلها، رحاها: سطحها ومعظمها، بواسقها: أعاليها «وإذا استطال البرق من أعاليها إلى أسافلها فهو الذي لا يشك في مطره»، والخفو أضعف ما يكون من البرق، والوميض: نحو التبسم الخفي. وأضيف، الجُون: السّواد [3] ، أمّا الحيا: فهو المطر «المعجم الوسيط: حيا».

فوائد تابعة:

[1]  يضم هذا الكتاب الممتع لابن دريد ثلاثين حديثاً؛ منها سبع وعشرون في المطر والسحاب، وثلاثة أحاديث في ما نعتته العرب الرُّوَاد من البقاع. والحديث في وصف النبي ﷺ للسحاب هو الأول. وموضوع الكتاب من أخص ما تميزت به العرب في باديتها، من معرفة الأنواء ومواقيتها، والأمطار وصفاتها وأحوالها، وما يمطر منها وما لا يمطر، وما أثر عنهم في ذلك من طرائف الكلمات.

[2]  ابن دريد، هو أبو بكر محمد بن الحسن بن دريد بن عتاهية الأزدي الدوسي المولود في عام «223 هـ /837م والمتوفي في عام 321 هـ /933م»، وهو عالِم باللغة العربية ومن أعظم شعراء العرب. استدعاه عبد الله بن محمد بن ميكال، الذي ولاه الخليفة المقتدر أبو الفضل جعفر «خلافته من 295 هـ - 320 هـ» أعمال الأحواز، فلحق بهِ ابن دريد لتأديب ابنهِ إسماعيل وهناك قدّم لهُ كتابه ”جمهرة اللغة“ سنة 297 هـ، فقلده ”ديوان فارس“ فكانت كتب فارس لا تصدر إلا عن رأيه، ولا ينفذ أمرٌ إلا بعد توقيعه، وقد أقام هناك نحواً من ست سنوات، ثم غادرها لبغداد سنة 308 هـ وأقام بها حتى وفاته سنة 321 هـ.

[3]  الجَوْن: من الأضداد، تعني الأبيض والأَسود «والجَوْن الأَسود تُخالطه حُمرة»، والجَوْن تعني: النُّور، والظلمة. لكن كلمة ”الجُونة“ تعني السَّواد، والأَكَمة، و”جونة العطار“: سُليلة مستديرة مُغَشَّاة بالجلد، يَحفظ العطَّارُ فيها الطِّيب.
تاروت - القطيف