فائدة لغوية «22»: ”عَبُّود بَيْنَ نَوْمَة وأَنْوَم“
جاء في الفائدة السابقة «نومة عبودية» إن المثل، بصيغتيه «نام نَوْمَة عَبُّود وأَنْوَم من عَبُّود» وقصصه ومعناه، يحوي عدة فوائد لغوية، تتعلق بالمفردات التالية: عَبُّود ونَوْمَة، وأَنْوَم، وسأتناول مفردة ”نوم“، في ”زيارة معجمية“ خاصة لها قريبًا.
عَبُّودٌ، في ”لسان العرب“، اسْمُ رَجُلٍ ضُرِبَ بِهِ المَثَلُ [وذكر المثل]، ثم أضاف: ”وأَعْبُدٌ ومَعْبَدٌ وعُبَيْدَةُ وعَبَّادٌ وعَبْدٌ وعُبادَةُ وعابِدٌ وعُبَيْدٌ وعِبْدِيدٌ وعَبْدانُ وعُبَيْدانُ، تصغيرُ عَبْدانَ، وعَبِدَةُ وعَبَدَةُ: أَسماءٌ“.
والزبيدي في تاج العروس يقول: عَبُّود «كَتَنُّور: رجلٌ نَوَّامٌ، نامَ فِي مُحْتَطَبِهِ سَبْعَ سِنِينَ»، فضُرِبَ بِهِ المثلُ. وأَبو عبد الله أَحمدُ بنُ عبدِ الواحِدِ «بن عَبُّودِ» بن واقد: مُحَدِّث رَوَى عَنهُ أَبو حاتمٍ الرَّازِيُّ وغيرُه «ج 8، ص337».
«و» عَبُّودٌ: [اسم] جَبَل أَسْوَد من جانِبِ البَقِيع، وَقيل بَين السّيالَة ومَلَل[1] ، قَالَ الجَمُوحُ الهُذَلِيُّ:
كأَنَّنِي خاضِبٌ طَرَّتْ عَقِيقَتُهُ.... أَخْلَى لَهُ الشَّرْيُ من أَكنافِ عَبُّودِ
ف ”عَبُّود“ اسم علم مذكر عربي، منتشر في لبنان وسوريا فلسطين والعراق، وهو من الجدر العربي [ع. ب. د]، فإمَّا هو مِنْ ”عَبْد“، الذي هو الإنسان، والمملوك، ومنه ”عَابِد“ وقد يكون للتعظيم، حيث ”عَبُّود“ يحمل معنى المبالغة؛ فهو الكثير العبادة والطاعة، والمُسرِع، ويقابله ”عُبَيْد“ للتصغير[2] .
نَومَة اسم المرة من نام «نومًا»، ويدل على وقوع الفعل مرة واحدة. ويصاغ كتالي:
من الفعل الثلاثي على وزن «فَعْلَة» نحو: ”نَظْرة“ «من نظر»، وجَلْسَة «من جلس»،
من الفعل غير الثلاثي فاسم المرة منه، هو مصدره القياسيّ، مضافًا إليه ”تاء“ في آخره، نحو: ”انحدارة“ «من انحدر» واستكبارة «من استكبر». وإذا كان مصدر الفعل ممّا ينتهي بتاء، نحو: رحمة ودعوة وإعانة واستقامة، وأريد استعماله للدلالة على المرة، فيؤتى بعده بالكلمة ”واحدة“، على سبيل المثال: رحمة واحدة، ودعوة واحدة، وإعانة واحدة، وهكذا.
أنوم هي على صيغة ”أفعل التفضيل“، الذي يدل على أنّ شيئين اشتركا في صفة وزاد أحدهما على الآخر فيها. و”أفعل التفضيل“ ممنوع من الصرف «للوصفية ووزن الفعل». ويُصاغ من الأفعال التي يجوز التعجّب منها، أمّا ما لا يُتعجّب منه فلا يُبنى أفعل التفضيل منه، ويصاغ هذا الاسم من كلّ فعل ثلاثي مجرّد، متصرّف، تامّ، مبني للمعلوم، مثبت، قابل للمفاضلة، ليس الوصف منه على وزن أَفْعَل ومؤنثه فَعْلاَء، فنقول: أحمد أكْرَمُ من سالم، والجِدُّ أفضلُ من الكسل[3] . وقد تُحذف همزة أفعل التفضيل، نحو ”خَيْر“، و”شَرّ“؛ وذلك لكثرة الاستعمال، كما في: ”المؤمنُ خيرُ الناسِ“، و”الفاسق شرُّ الناسِ“، أو تستعمل على الأصل؛ فنقول: الأَخْيَرُ، والأَشَرُّ، كقول [رؤبة]: بلالٌ خَيْرُ النَّاسِ وابْنُ الأَخْيَرِ.