فائدة لغوية «53»: نرجس ونرجسيّة.. تأصيل ودلالات
”النرجس“ في اللغة العربية هو اسم لزهرة جميلة من جنس من الرياحين، وتُسمى به النساء «نرجس». وهي لفظة مشتركة بين لغات كثيرة[1] .
ومن كلمة ”نرجس“ جاءت ”النرجسيَّة“ «Narcissistic» بمعني حب النفس المفرط أو الأنانية «الشديدة»، وهو اضطراب في الشخصية، والشخص المصاب به ”نرجسيّ“ «Narcissistic» وهو يتصف بالغرور، والتّعالي، والشعور بالأهميّة ومحاولة الكسب ولو على حساب الآخرين.
لكن ما هو أصل الكلمة؟
تحكى الأسطورة اليونانية أن صيادًا اسمه نركسوس - وقيل نركسيس وقيل نرسيس باليونانية: «νάρκισσος» - كان مغرورًا وفخورًا بنفسه ومتعاليًّا فتجاهل وأعرض عن كل من أحبه؛ لاحظت الإلهة ”نمسيس“ حالته وغضبت عليه بسبب تصرفه هذا فأخذته إلى بحيرة صافية ورأى انعكاس وجهه على الماء فأُعجب بـ ”صورته“ لدرجة أنه لم يتمكن من تركها ولم يعد يرغب بالعيش بعيدًا عنها وبقي يحدق بصورته إلى أن مات. وبعد موته أحيته بعض الآلهة على هيئة زهرة سميت ”زهرة النرجس“ «Narcissus flower»، وفي رواية نبتت زهرة على قبره، فسميت بهذا الاسم، وصارت هذه الزهرة ترمز إلى الغرور والأنانية واللامبالاة بالآخرين[2] .
وفي العصر الحديث التقط العالم النفسي الشهير سيجموند فرويد أسطورة نركسوس ووظفها في نظرياته النفسية المعروفة بـ ”التحليل النفسي“، وطور منها ”عقدة نرسيس“ «Narcissism»، وتعرف أيضًا بـ ”عقدة النرجسية“، فاشتهر المفهوم والأسطورة وتبعًا لذلك المفردة المأخوذة من اسم بطلها وزهرته ”نرجس“ التي دخلت اللغة العربيّة عن طريق الفارسيّة[3] . وتماشيًّا مع انتشار المفهوم والمصطلح الفرويدي اشتُق العرب من ”نرجس“ ”نرجسيّ“ صفة للذكر، وجمعها ”نرجسيّون“، والأنثى ”نرجسيّة“، وجمعها ”نرجسيّات“.
وكما ذكر أعلاه، اسم زهرة ”النرجس“ منتشر في العربية كاسم علم خاص بالإناث «نرجس»، خلافًا لذكورية الاسم في اليونانية، أصل التسمية، حسب سردية الأسطورة المذكورة.