فائدة لغوية «19»: ”الاسم بين المعنى والفعل“
هذه فائدة مقتطعة من مقال قادم عن ”الاسم والمسمى“ أحببت أن تنشر منفردة. ”الاسم“ هنا يراد به اسم العلم، للمذكر والمؤنث، و”الفعل“ يراد به السلوك الذي يحكي السمات والصفات التي يوحي بها ”الاسم“. يعتقد كثير من الناس أن الاسم دال على شخصية حامله وصفاته، حتى قالت العرب ”له من اسمه نصيب“، لكن بسبب كثرة الشواهد على عدم صدقية المقولة، وعدم صحة الاعتقاد المزبور، جاءت عبارة: ”يا هذا، إمَّا أن تغير فعلك أو تغيّر اسمك“!. قصتها، كما يرويها أبو حيان التوحيدي «414 - 310 هـ، الموافق 922 - 1023م»، هي أن الإسكندر المقدوني «323 - 356 ق. م» رأى بين جنوده سميًّا له كان يُهزم في كل معركة، فاستدعاه وسأله: ”ما اسمك؟“
قال: ”إسكندر“
قال له الإسكندر المقدوني: ”إمَّا أن تغير فعلك وإمَّا أن تغيّر اسمك“. «البصائر والذخائر: ج1، ص83». [1]
وقد جاء هذا المعنى على لسان الشعراء:
- وقد تلتقي الأسماء في الناس والكُنى.... كثيرًا ولكن مُيّزوا في الخلائق «الفرزدق: 38-110 ه» [2]
- وكم من سميٍّ ليس مثل سميّه.... وإن كان يُدعى باسمه فيجيب
- فهيهات ما كل المنازل رامة.... ولا كل بيضاء الجبين عَروبُ «عبد الرحيم البرعي اليماني: 1368-1447م».
- وسمَّيتُه صالحًا فأغتدي.... بقصد اسمه في الورى سائرًا
وظن بأن اسمه سائرًا.... لأوصافه فغدا شاعرًا «ابن القيم الجوزيه: 691-751 ه». [3]
- يمكن... أن الاسم مثل مسُمّى
فجميل يبدو أجمل
وأنيس يؤنس
والفاضل أفضل
لكني أنظر..
أن ثمّة وجهًا آخر
عكس مسمى -
فجميل ليس جميلًا
وأنيس ما مِن أنس فيه
«هل أذكر أمثلة أخرى؟»
فتدبّر ما سَمَّاك به أهلك! «د. فاروق مواسي: 1941-2020م» [4]
ولكن هذا لا يمنع أن نختار لفلدات أكبادنا، أُنَاثًا وذُكْرَانًا، أجمل الأسماء، جرسًا ومعنًى، لأن الإنسان، عمومًا والعربي خاصة، يتعلق باسمه ويحب أن يُنادى به، أو بكنيته، والعربي عادة ما يَردّ حين يُسأل عن اسمه أو اسمها ب ”أبو فلان“، و”أم فلان“ «وأحيانًا أبو/أم فلانة». ولأهمية ”الاسم“ غيَّر النبي محمد «صل الله عليه وآله وسلم» أسماء بعض الصحابة، وفي زماننا غير كثيرٌ من الناس أسماءهم التي سمتهم بها أباؤهم وأمهاتهم [5] .