فائدة لغوية «17»: «طُز» معنًى وأصل
«طُز» كلمة تستخدم في اللهجات العربية العامية، وخاصة في المشرق العربي، وفي دول الخليج تحديدًا، بمعنىً خاص، وهو التعبير عن عدم الاهتمام واللامبالاة، لكن لا يصل للاحتقار، وإن استوحاه بعض السامعين، فعبارة: ”طُز في كذا“، يراد بها أنه ليس مهمًا عندي، فلا أبالي «به». [1]
يقول أحمد أبو الصافي جعفري، في «اللهجة التواتية الجزائرية، معجمها، بلاغتها، أمثالها، حكمها وعيون أشعارها، ص: 540» [2] ، «طُز» كلمة تركية، دخلت في لغة الشعوب العربية عندما حكم الأتراك المنطقة العربية، وكان العرب يذهبون لمبادلة القمح بالملح فعندما يمر العربي خلال بوابة العسكري في مراكز التفتيش التركية وهو يحمل أكياس ”الملح“ يشير إليه التركي بيده إيذانا بالدخول ودونما اكتراث بقول: tuz tuz «تُز تُز»، ويؤكد العربي نعم أنه ”فقط ملح“، أي لا شيء مهم أو ذا قيمة «لِيُمْنَعْ»، فيدخل دون تفتيش، وهكذا انعكس معناها إلى عدم الاهتمام، والتعبير عن اللامبالاة، وتهوين الأمر، وتقليل خطره وأهميته[3] . غير أن في «معجم تيمور الكبير للألفاظ العامية، ص: 4/340» «طُز» كلمة تقال للاستهزاء، ولعلَّها من «الطَّنز» [4] . والجدير بالذكر، أن ”الطَّنْز“، في اللغة العربية، حسب معاجمها المشهورة، هو السُّخْرِيَة، طَنَزَ به طَنز طَنْزًا: سَخِرَ، واستهزأ فهو طَنَّازٌ، والمَطْنَزَة، موقع طنز، ومسخرة، فَهُمْ مَطْنَزَة: لا خَيْرَ فيهم، وهَيِّنَةٌ أنْفُسُهُم عليهم «لسان العرب، القاموس المحيط»، ويظن الجوهري في «الصحاح» ”طنز“ مُولَّدًا أو معربًا. لكن يبدو لي أن الأصل التركي لكلمة «طُز» هو الأقرب للصحة، لأنها لو كانت عربية متحورة من ”طنز“، لوجدت في المعاجم أو التراث الأدبي، وثانِيًّا، تحولها هذا يحتاج إلى عمليتين صوتيتين متتابعتين، حذف النون أولًا، لتصبح ”طَز“، ثم بعد فترة ينطق الطاء بالضمة «طُ»، لتنطق الكلمة ”طُز“، وهو مستبعد، ناهيك عن كونه تفسيرًا متكلفًا «فيه صنعة وحذلقة».