فائدة لغوية «26»: ”نِدٌّ ونَدِيْد“
مفردة ”أنداد“ تكررت في القرآن الكريم ست مرات «في البقرة: 22، و165، إبراهيم: 30، سبأ: 23، الزمر: 8، وفصلت: 9». فعلى سبيل المثال، قال تعالى: ﴿فلا تجعلوا لله أندادًا وأنتم تعلمون﴾ «البقرة: 22».
أنداد، ونُدَداء، جمع نديد بمعنى الندّ، وهي نديدة وجمعها نَدائِدُ «المعجم الوسيط، مجمع اللغة العربية بالقاهرة». وفي النِّد ونديد في اللغة قولان:
الأول: هما المثل والنظير، ويجمعان على ”أنداد“، كمثل وأمثال، ويتيم وأيتام. ونقول لمن تساوى في العمر، على سبيل المثال، هو نديدي وندِّي، وذاك نديد فلان ونِدُّهُ، وهي نديدة أختي ونِدُّها. [1]
الثاني: ند ونديد تختصان ب ”المِثل الذي يناوئ نظيره وينازعه“، وهذا مأخوذ من ”ندّ البعير“ إذا نفر وشرد، هام على وجهه وشرد «معجم الرائد»، نَفَرَ وَذَهَبَ عَلَى وَجْهِهِ شَارِدًا «مختار الصحاح»، و”نَدَّتِ الكلمة“: شذَّت «معجم الرائد» [2] . و”ناددت الرجل“ خالفته. فعليه، لا يقال عن مَنْ هو على رأيك: ”هذا ندِّي“، وإنما ذلك لمن يذهب في غير الوجه الذي تذهب، لذا فُسِّر ”النِّدُّ“ ب ”الضِّدّ“ «معجم ألفاظ القرآن الكريم: ن د د» [3] .
وجاءت الآيات، كآية 22 في سورة البقرة «أعلاه»، لوصف ما يعبد المشركون من دون الله بالأنداد له سبحانه وتعالى، وهذا مع أن منهم من يعبد الأصنام لتقربهم إلى الله ولا يرون أنها تبلغ مبلغ ”الله“ في عظمته وجلاله، لكن عبادتهم لها تجعلهم كمن يعتقدون أنها أشياء ”مساوية“ «مماثلة» لله سبحانه وتعالى عن ذلك.
وأَمَّا من يرى تفسير ”الأنداد“ بالمنازعين، أي ”الأمثال“ مع قيد المناوأة والمنازعة، يرى أن هذا الإطلاق روعيَّ فيه أن مَنْ يَعْبُد الأوثان يشبه مَنْ يعتقد أنّ عندها قوة المخالفة والمنازعة لله سبحانه في فعله. فكأن الأوثان، في اعتقادهم، أنداد مناوئة لله. وبهذا قد تكون في الآية ونظيراتها نكتة: ”أنداد“ على سبيل التهكم والتقريع لهؤلاء الناس والتسفيه لرأيهم ومعتقدهم.