تنبؤات درامية أم سينما متواطئة.. «7»
بعد قراءات متباينة للأفلام الثلاثة الماضية التي تناولت هجمات 11 سبتمبر، هناك أفلام أخرى صورت الحدث من زوايا متعددة، وإن كانت متقاربة في منهجية الاستهداف، وما يجمعها هو الخيط الدرامي بمصير زوال البرجين قبل ضربهما على أرض الواقع
أفلام تفاوتت أزمنتها وطرق معالجاتها تقنياً، وبعضها أحدث ضجة بطرح تساؤلات عدة، تبلورت في دائرة الاستفهام، هل هذا قابل للحدوث، وإن حدث قد يكون هذا محض صدفة، أم المسألة لا تتعدى كونها رحلة فنية سريالية همها الإدهاش البصري، كلا الأمرين هي تعبث بمشاعر المشاهدين سلباً، وتبعث برسائل ملغزة تتحرك بين اللاقطات والمشاهد المستفزة، تحريضاً مبطناً بأن هذا قد يحدث مستقبلاً، ولكن على يد من؟ إنها تهيئة تحريضية مقصودة لاستدراج الفاعل أياً كان لوضعه في حبائل المصيدة.
أفلام أخرى اشتركت في ذات المنحى والتوجه لضرب البرجين، وكأن عيون المخرجين تتربص بهما عدواناً، لكن من أجل ماذا؟ ".
4 - فيلم: Terminator 2: Judgment Day، ”المدمر 2، يوم الحساب“، يصنف ضمن الخيال العلمي مليء بالأكشن والمشاهد الفاضحة والعنيفة، أنتج عام 1991، تدور أحداث الفيلم حول إرسال شركة ”سكاي نت“ الأمنية التي تسعى جاهدة لتسيطر على العالم في المستقبل عبر تجهيز الرجل ”المدمر“ المطور " تي 1000″، والذي لديه قدرة فائقة لتغيير مظهره بصورة مدهشة وما يملك من ذراع متطورة جداً، ومحاولة تكملة الإنسان الآلي بنفس الميكانيكا المستخدمة للذراع الصناعية المزودة بالتكنولوجيا، وهو استكمال للجزء الأول.
وتتصاعد وتيرة الأحداث في التخطيط لقتل الطفل جون كونور، قبل أن يكبر ويصير قائداً للمقاومة البشرية ضد الآلات الخطرة في المستقبل، وفي ذات الوقت والدة الطفل هي الوحيدة التي تعرف سر هذا الصراع المستقبلي، لكن يتآمرون عليها بإيداعها في مصحة عقلية بسبب اعتقاد الجميع بأنها تعاني من مرض نفسي لكي لا تفشي السر.
ويكمن ما وراء السر بعيد المدى في لقطة الكاميرا عبر تصويبها لكتابة جرافيتية على أحد جدران الجسور تقول " الحذر - 9/11″، علماً بأن تاريخ إنتاج الفيلم قبل حدث 1993 الذي انفجرت فيه تلك السيارة المفخخة في مرآب مركز التجارة العالمي. هل تلك العبارة الرمزية كتبها أحد المراهقين العابرين ضمن خربشات الشوارع، أم صناع الفيلم هم الذين كتبوها، ولماذا الحذر من هذا التاريخ تحديداً!!
5 - فيلم ”Super Mario Bros، ماريو بروس“، صدر عام 1993 م، يندرج ضمن أفلام الخيال العلمي المليء بالمغامرات والمواقف الكوميدية الساخرة، ومستلهم من الثقافة الأمريكية المعاصرة، لكنه فشل مالياً ولم يغط تكاليف إنتاجه، واجه نقداً بصورة عامة وأيضاً استحساناً في بعض الجوانب من قبل النقاد والمراجعين للفيلم، فقد أشادوا به من ناحية تأثيراته البصرية المبتكرة، وأداء الممثلين، وانتقدوا الرواية واعتبروها مربكة للغاية.
فيلم مستوحى من عصر الديناصورات، وتم استحضاره في قلب الحياة المعاصرة، مزيج من التأثيرات الخيالية والغرائبية، وغرابته بأن طفلاً يفقس من بيضة! ويتحول لديناصور بشري، واقتبس تعريفاً مهماً حول الفيلم من الناقدين الأمريكيين ماكس براون ولوك جنتل، بتصرف.
تدور قصة الفيلم حول شخصية ماريو وصديقه وهما سباكان عاديان إيطاليان يعيشان في مانهاتن، ففي أحد الأيام وأثناء عملهما في السباكة يلتقيان بعالمة آثار تبحث عن عظام الديناصورات الغريبة تحت المدينة، وتدور المشاهد عندما اصطدم الكويكب الذي قتل الديناصورات على الأرض وأصبحت زواحف للأنواع السائدة، ”وديزي“ هي أيضاً من تلك الزواحف التي فقست من بيضة في بداية الفيلم، ولديها جزء من النيازك التي تشظت وتريد تجميع القطع لتعيد أبعادها حتى تتمكن من حكم العالم.
الشي الغريب بعض الشيء هو أن الفيلم يتنبأ بصعود دونالد ترامب من خلال شخصية كوبا، ومن خلال طريقة نبرة الكلام والمظهر الخارجي فهما متشابهان إلى حد كبير ”وجه خشن، شعر أشقر ذو شكل سيئ، عيون خرز“، يحكم الرئيس كوبا من برج عاجي متعالٍ تماماً مثل الروح المتعالية والأنفة الطاغية عند ترامب، إن صرخاته العنيفة حول تفوق البشر من أصل زواحف مقابل بشر من أصل الثدييات قريبة بشكل مزعج من خطابات ترامب حول المكسيكيين والمسلمين، كما أنه يرشح نفسه لإعادة انتخابه رئيساً لولاية ثانية، يتقارب من إعادة انتخاب كوبا في نهاية الفيلم، يستخدم ماريو شعاعاً متطوراً لتحويل شكله الأصلي، في بركة من الحمأة البدائية، وهنا يشير الناقدان للقراء بالعبارات التالية: ”ارسم استنتاجاتك الخاصة، ربما كان فيلم ماريو بروس هجاءً سياسياً متقدماً قبل وقته، بالنسبة لنا علينا أن نفهمه جيداً! أو ربما يكون مجرد فيلم مريب“.
النقطة اللافتة من الناقدين توجيه العنصرية للرئيس الأمريكي ترامب، والتشكيك في رسالة الفيلم!
أبطال الفيلم السباكان تحولت شخصيتهما لأبعاد كثيرة، فقد سعيا سفراً من أجل إنقاذ الأميرة في مغامرات متلاحقة ومشوقة، وهي التي ترتدي قلادة مصنوعة من النيزك، لها سلطة لتحرير الزواحف من شبكات الصرف الصحي، ويحتوي الفيلم على مشاهد كوميديا شيقة وبتداخلات بين الواقع وأفلام الكرتون وبين ألعاب الفيديو الافتراضية، والمثير في لقطاته النهائية، حيث مشهد الصورة البانورامية للمدينة الصاخبة نيويورك، وبطريقة مفاجئة وغير متوقعة هو اختفاء برجي التجارة العالمي، بشكل يتطابق تماماً مع ما حدث في أرض الواقع!
أي خيال ألهم صناع الفيلم باستهداف البرجين تحديداً دون غيرهما من المباني وناطحات السحاب المنتشرة في ربوع المدينة، ولماذا مدينة نيويورك دون غيرها من المدن الأمريكية الأخرى؟ أسئلة تتزاحم وتتلاحق حول أفلام تحمل كمية من الشك والريبة.