تنبؤات درامية أم سينما متواطئة «26»
حينما تناهت للأسماع أخبار فيروس يدعى كورونا، وتحوله لمرض معدي، عرف الجميع في كل مكان، بأن منبته مدينة يوهان. أخبار تسارعت بنقل فواجع المدينة ومصائب سكانها تباعا، لكن عيونا بعيدة أبصرته برودا وأخرى راقبته صمتا، وكثير ظن بأن خطره لن يتجاوز حدود تلك المدينة الصينية، ولن يتوسع خارج محيطها، وثمة أصوات تقول ما الداعي للقلق إن كان بالفعل وباء، فسوف يكون كحال الأوبئة التي مرت خلال السنين الماضية، سوف يتلاشى ولن يصعد خارج أسوار تفشيه وسيزول وينسى مع ضجيج الحياة.
وكثير منا عرف عنه ولكن دون اكتراث طالما الحدث بعيد عن حدود منطقتنا فنحن بمنأى عن خطره، هكذا ظننا ومثلنا شعوب وأمم، ولكن خابت كل الظنون بزحف ذلك المجهول الذي لا يرى ولا يشم. يوما بعد يوم تواردت الأخبار تلو الأخبار الصارمة بأن الفيروس اجتاح دولة قريبة من الصين محدثا فيها الهلع والفزع وبإصابات بليغة وأخرى مميتة وبأعداد مخيفة، من هنا بدأ الارتباك ومشاعر القلق تزداد وتتعاظم، خصوصا حينما وصل إلى منطقة الخليج وكل غرب آسيا، وفجأة عبر الوباء دون إخطار نحو قارتي أوروبا مارا بأفريقيا، وبعدها تمدد هلاكا في جميع القارات حاصدا الأرواح تلو الأرواح دون تمييز.
يا له من فزع أكبر أقضّ المضاجع، وقلب أوضاع الدنيا والناس رأسا على عقب، ديناميكية تقوضت وحياة شبه معطلة، وأصبح كل مختبئ في عشه خائفا حتى من ظله.
ولا أحد يدري كم سيحصد الوباء من أرواح، إنه الموت القادم من الشرق!.
لو عدنا قبل عام، هل خطر على بال أحدنا بأن وباء فتاكا سيهدد البشرية في العام القادم وسينتشر في جميع أنحاء العالم كما النار في الهشيم.
حتى لو حدثك أحد المنجمين وقارئ الطالع والأبراج، بأن حدثا عظيما مزلزلا سيحدث فلن تصدقه، وما بين التصديق والتفنيد مساحة مفتوحة للحيرة برسم علامات التعجب، وعند مباغتة الحدث المزلزل الذي نحن فيه يأخذنا التيه لما قبل زمنه لمن قال عنه وتحدث وأسهب، ونتساءل كيف تنبأ ذلك الفيلم عينا ومؤلف ذاك الكتاب صراحة ومنذ سنين خلت، وهل صحيح كذب المنجمون ولو صدقوا وهل نصدق أم نكذب بما جاءت به الطبيبة النفسية الأمريكية ذات أربعين مؤلفا «سيلفيا براون» التي أصدرت كتابا بعنوان END OF DAYS نهاية الأيام عام 2008، والتي تتحدث عبر صفحاته عن التنبؤات والنبوءات حول نهاية العالم، معرجة على كثير من القضايا المقلقة والمشاكل المربكة والأحداث الشائكة التي ستجتاح العالم، بفعل جنوح البشر وغضب الطبيعة المتغيرة، كالحروب البينية، وتغيرات المناخ، والإرهاب العالمي والأوبئة والإبادة الجماعية، تصورات لحوادث مستقبلية، عبر جملة من التنبؤات المفزعة والصارمة واللامعقولة، واضعة مشاهد غرائبية عما سيحدث للعالم خلال الخمسين السنة القادمة؟ وماذا تعني من وجهة نظرها نبوءات نستر اداموس وكتاب سفر الرؤية؟ متسائلة هل بالفعل سينتهي العالم حقا وكيف؟ فما الذي سيحدث في ساعتنا الأخيرة؟ ربما خاض كثير تلك الرؤى الخيالية قبلها وبعدها، لكن اللافت من بين صفحات كتابها، تنبؤها المشؤوم عن مرض تنفسي غامض قادم وخطير سيضرب سكان الأرض وسينشر الرعب في جميع أنحاء العالم، مرض شديد يشبه الالتهاب الرئوي، يهاجم الرئتين والشعب الهوائية ويقاوم جميع العلاجات المعروفة، وسيهلك من ورائه كثير من البشر!، مضيفة بأنه سيختفي فجأة بالسرعة التي وصل بها، وسوف يعود بعد عشر سنوات، ثم يختفي تماما.
توصيف غريب والدهشة تتعاظم أكثر كيف تسنى لها تحديد العام الذي سيقع فيه هذا المرض التنفسي لقد حددت زمنه بأنه سيكون خلال العام 2020.
يا له من توقع غريب لكاتبة لم يمهلها القدر لترى نبوءتها عين اليقين فقد رحلت عام 2013.
هل كان توقعها مجرد تخمين، وهي التي توقعت بأنها ستموت في سن الشيخوخة 88 ولكنها ماتت عن عمر 77 عاما، طبعا لا أحد يعرف يوم موته ولو ادعى ما دعي، كم أطلقت في كتابها من تنبؤات غرائبية، وتصورات مذهلة، تاركة لجموح خيالها العنان، وحاليا إقبال على كتابها أكثر من ذي قبل، حيث يشهد ارتفاعا كبيرا ضمن مبيعات أمازون وذلك عائد لما تعيشه البشرية من كوفيد 19، والذي أشارت إليه عبر كتابها الموسوم نهاية الأيام.
وباء جاثم على الصدور برغم التفاؤل الحذر خلال هذه الأيام.
ولكن يبقى السؤال المحير الذي يتردد كالصدى، كيف يستدل المتنبؤن قبل وقوع الحدث، هل هم مصيبون بالصدفة أم إن وراء الأكمة ماوراءها!.