آخر تحديث: 22 / 11 / 2024م - 4:21 م

تنبؤات درامية أم سينما متواطئة.. «1»

عبد العظيم شلي

ثمة أفلام هوليوودية شاهدتها تليفزيونياً، وأخرى قرأتها في الصحف والمجلات، وما إن انتهيت من رؤيتها أو الاطلاع على التقرير الصحفي حول فحواها أصاب بالحيرة والدهشة، وأبدد الأمر قائلاً إن المسألة لا تتعدى خيال كاتب واحترافية مخرج وممثلين بارعين جسدوا العمل بصور تحسبها واقعاً وليس تمثيلاً، حينها تقودني تساؤلاتي ثرثرة في أوقات مختلفة بما شاهدته أو اطلعت عليه باستعراض المحتوى سرداً بين الأصحاب إعجاباً أو نقداً.

مع مرور الوقت ذهبت تلك الظنون أدراج الرياح، وبأن ذاك الخيال ها هو يتحقق فعلاً وبمثل ما يقال ”عيان بيان“، حيث وجدت تلك الأفلام الدرامية بعد شهور أو سنوات تحدث على أرض الواقع فعلاً ملموساً ومحسوساً سواء عند الذي اطلع على تلك الأفلام أو لمن لا يدري عنها أصلاً، ويمتد السؤال ويكبر بحجم الدهشة، هل تلك الأفلام المقدمة للجمهور كانت مخبوزة فقط لإشباع فضول الفرجة والتسلية، أم تقف وراءها عقول تآمرية لتسويق مشاريع مبطنة تحت غطاء الفن وربح المال كوجهة صناعية، يقال ما وراء الأكمة ما وراءها، وبالفعل ما وراء بعض الأفلام أجندات مخفية، ولا أستبعد أنها حضرت وجهزت مخابراتياً لاستلاب العقول لتحقيق الهيمنة بأهداف سياسية بعيدة المدى، تقدم للتظليل والتمويه، والتعبئة النفسية للفاعل والتبعية للمفعول به، وتهيئة الرأي العام بفعل مطلق؟

إليكم أيها الأعزاء بعضاً من هذه الأفلام التي خرجت من اللكيشنات إلى صالات السينما، وأصبحت فيما بعد واقعاً معاشاً، وكأن الذي يحدث بمثابة استعادة لتلك الأفلام والأقلام الأدبية، لكنها على مسرح الحياة.

جاء في مجلة ”العربي“ الشهرية الصادرة من دولة الكويت، في عددها 353، بتاريخ أبريل 1988، مقال بعنوان ”العربي كما تراه هوليوود“ بقلم الدكتور جاك شاهين.

استعرض الكاتب أفلاماً كثيرة تحط من الشخصية العربية، مستفتحاً بالمقدمة: ”لم نسمع عن فيلم أمريكي قدمت فيه شخصية العربي بموضوعية، فخلال تاريخها الطويل رسمت هوليوود صورة وهمية للعربي، هي مزيج من الشراسة والشبق والجنس والتخلف، فكان لهوليوود عربيها الخاص“، وفصل الكاتب أفلاماً بمسمياتها ومحتوياتها، شارحاً وناقداً عبر 9 صفحات قرابة 30 فيلماً، وأغلبها ذات رؤية نمطية متشابهة عن الإنسان العربي الغاطس في الجنس والتخلف والهمجية.

كل الذي ذكر لم أعره أي أهمية سوى فيلم واحد أثار اهتمامي وفضولي، حيث يقول الكاتب: ”وفي فيلم الدفاع الأفضل الذي ظهر عام 1984، نرى كيف يقوم الجيش العراقي بمهاجمة الكويت، إن أي شخص يعرف ولو قدراً ضئيلاً من المعلومات عن الوطن العربي لا يمكن أن يظهر القوات العراقية وهي تصب حممها على الكويت، فالكويت والعراق قطران عربيان جاران، كما أن الكويت لم تطلب أبداً مساعدة القوات الأمريكية لمواجهة قوات عربية حليفة“.

وفي مشهد آخر يوضح الكاتب: ”وعلى كل حال فالفيلم يرينا“ ادي مورفي ”الذي يمثل دور ضابط في الجيش الأمريكي المرابط في الكويت، وهو يقوم بتشكيل وتدريب الجنود الكويتيين“ الأغبياء والجبناء ”الذي أسندت أدوارهم إلى ممثلين إسرائيليين ليجعل منهم رجالاً يصلحون للقتال، ويرينا الفيلم كذلك الضابط الأمريكي وهو يشكو من كثرة روث الجمال، وتسمع تبجحاً وكبرياء كذلك الذي سمعناه في فيلم لورنس العرب، ويظهر الفيلم النساء الكويتيات والنساء العراقيات على شكل قطعان من الحريم، أو هن إرهابيات محجبات، يقمن بمهاجمة الدبابات الأمريكية، ويظهر لنا مورفي وهو يمارس الجنس معهن ثم يقول ساخراً:“ أشكركن على حسن هزكن لبطونكن ”!!! هكذا يصور الفيلم النساء العربيات“.

وتستمر مشاهد الفيلم إلى بلوغ الذروة الدرامية، وعنها يقول الكاتب: ”وتمضي أحداث الفيلم إلى أن يرينا ميرفي وهو يقود الكويتيين أثناء المعركة، ولا يلبث أن يصرخ بهم، والآن أخرجوا سجاداتكم للصلاة“.

واستطرد الكاتب حول محتوى الفيلم ومشاهده المثيرة، فيلم عرض عام 84، وفي سنة 90 غزا صدام الكويت؟! وتحول الفيلم إلى واقع، وجرت فضائع وفضائح لم يكن يتصورها أي عقل سوى العقل التآمري، وحدث ما حدث من مآسٍ وفواجع وآلام وأحزان، هل كان فيلم ”الدفاع الأفضل“ رجماً بالغيب أم خطط مدروسة؟