اهتراء سلطة الآباء
يتلمس بعض الأوفياء المخضرمين من أبناء المجتمع مشكلة قائمة بصوت خجول وهي قابلة للانتشار في صفوف بعض البيوت المحافظة. تلك المشكلة هي: اهتراء علاقة الآباء بالأبناء إلى حد تقليم الآباء من سلطتهم الأبوية. في بعض المجتمعات الشرقية المحيطة بنا أضحى اهتراء سلطة الآباء ظاهرة، وفي بعض المجتمعات الشرقية لم تصل إلى حد الظاهرة أو شبه حالات نادرة. وقد تصل المشكلة في بعض المناطق إلى حد التهميش التام للأب الوفي والتنمر عليه وخذلانه. ما يمكن رصده في تطبيق تيك توك من جرأة في نشر مقاطع مجردة من الحياة لبنات وأبناء ينم عن نزع الحياء والتمرد على القيم الاجتماعية والسماوية فضلا عن تهشيمهم لسلطة الأب والعشيرة والقبيلة. عُرفت علاقة الآباء - الأبناء تاريخيا بنفوذ سلطة الأب وهيبته ومكانته واحترامه وجاذبيته وحمايته وحسن تربيته للأبناء وتوفير الحياة الكريمة لعياله. إلا أن انفراط عقد الاستهلاك وطغيان روح الفردانية واللهث خلف بريق الدنيا وحب المال والدنيا كسر كثير من القناعات في قلوب بعض الأبناء والبنات. ولكون مستوى القلق لدى بعض الشرفاء آخذ في التصاعد لأسباب عدة نتيجة رصدهم لقصص عدة تنطق عن تآكل سلطة الآباء وتمرد الأبناء، فقد وجب زيادة الوعي بين صفوف الآباء والأبناء سواء بسواء للحفاظ على البناء الأسري. ولكون القضية تهم طرفين الأب - الابن فاني شخصيا أتبنى بعد تشخيص أي معضلة اجتماعية ما، إلى الانتقال بعد تشخيص المعضلة ودراسة أسبابها إلى استنطاق بعض الحلول المتاحة والعملية والممكنة.
نعم ينقل لنا من بعض الاخصائين والعاملين في حقل العلوم الاجتماعية والنفسية والأسرية عن كم كبير من اهتراء السلطة الأبوية داخل بعض البيوت الشرقية في المجتمعات المحافظة. ولكون سلطة الأب في كثير من دول الغرب قد تآكلت بالفعل لأسباب مركبة وعديدة منها سوء استخدام وتطبيق مفهوم الحرية الشخصية ومفهوم حماية الأبناء القُصر ومفهوم إطلاق خيار تغيير الجنس ومفهوم حرية تناول المسكرات والاستقلال المالي وحب الاستهلاك المفرط والجري خلف احلامالشهرة وحرية المتاجرة بالجسد وإسقاط مفهوم القناعة. والحل في وجه نظري يتمركز حول إجادة استخدام القوة الناعمة، ويمكن للآخرين الإضافة والتفصيل، يتضمن عدة محاور ومنها:
1 - إذكاء الحوار روحا ومعنى وفعل وهدف بين الآباء والأبناء.
«يمكن الاطلاع على مقالات سابقة: حوار لا جدال / حوار لا خوار / رسالة مفتوحة للأبناء في سن المراهقة / كذب بعض الأبناء/ … إلخ».
2 - المشاركة في حسن انتقاء الأصدقاء للأبناء
«يمكن الاطلاع على مقالات سابقة تحت عناوين: اشتر صديقا لابنك / أب وأبناء ومال وحياة كريمة».
3 - مراقبة السلوك للأبناء والتدخل السريع لضبط أي اعتلال طارئ «يمكن الاطلاع على مقالات سابقة: كذب بعض الأبناء / ارحموا آباءكم وأمهاتكم وهم أحياء / بُني أحبك واثق بك وأنا فخور بك/ … الخ».
من جهة أخرى يجب أن يكون الأب شجاعا في تحمل المسؤولية نحو أبنائه وضبط سلوكه وإعطاء نموذج صادق للمعاني السامية التي ينادي بها والاعتذار إن قصر، أو أخطأ وزرع الثقة في أبنائه. الأبناء سيكبرون وسيكتشفون يوما ما تناقض الأب المخادع إن كان هناك من هو مخادع من الآباء، ويتمردون عليه في مرحلة الاستقلال المالي للأبناء أو مع وجود تشريعات قانونية قد يقدمون باتهامه كيدا أو صدقا بالعنف، وإبلاغ الجهات الرسمية للانتقام من أبيهم أو تهميش سلطته، أو هروب الأولاد خارج المنظومة الاجتماعية إلى منظومة اجتماعية أخرى طلبا لشي في أنفسهم أو طلبا للرحمة بعد أن خذلهم أبوهم ومجتمعهم أو تغريرا من أصحاب السوء للأبناء أو وهما منهم بانتزاع الحرية المزورة من خلال لجوءهمللمدلسين.
سلطة الأب الصادق في أبوته هي شرف في يده والأبناء أمانة من الله في يد الأب، فليحسن أداء الأمانة بشرف. والأب نعمة من الله، من بها على الأبناء، فليحسنوا رعاية النعمة والبر بابوهم.
ملحوظة: على كل رجل، وقبل الإقدام على تكوين أسرة التعرف على نفسه وطاقته المالية والنفسية والذهنية لتحديد عدد الأطفال الذين يمكنه حسن تربيتهم وإدارة وقته وماله وموارده معهم ومناقشة كل ذلك مع شريكة حياته. إدارة الأمور بطريقة خبط لزق أمر غير مجدي؛ لأن التخطيط أساس النجاح. فليتق الله كل أب وابن، وليكونوا بعضهم لبعض نعم الرافد.