آخر تحديث: 24 / 11 / 2024م - 10:22 م

حوار لا جدال

المهندس أمير الصالح *

سيناريوهات شبه يومية وقعت أو تقع في معظم البيوت:

- الأب: نريد أن يكون الطبق الرئيس لإفطار أول يوم من رمضان هريس وجريش... الأبناء: نريد بروستد دجاج... الأم: اتفقوا على طبق رئيس واحد.

- الأب: نريد أن نشاهد مسلسل ”طاش ما طاش“ ما بعد تناول مائدة الإفطار في شهر رمضان المبارك... الأبناء: نريد أن نشاهد مسلسل ”س“ المصري.... الأم: يوم نشاهد مسلسل ”طاش ما طاش“، واليوم التالي نشاهد المسلسل الثاني.

- الأم: من المفروض أن نستمع لـ دعاء ”الافتتاح“ بعد صلاة المغرب مباشرة من كل يوم من أيام رمضان... الأبناء: كل يوم كل يوم... ما يصير... الأب: خلاص كل يوم يمسك ”الروموت كنترول“ واحد وهو يختار اللي يود أن يسمعه.

- الأب: في أول أيام العيد المقبل، سنذهب إلى زيارة مدينة الأحساء... الأم: بس أهلي في الدمام... يمكنك أن تذهب وترجع في نفس اليوم. بالقطار... بعض الأولاد: نود أن نذهب إلى البحرين والبعض الآخر: ما أبي أروح أي مكان.

هذه المواضيع ومواضيع أخرى مختلفة، من المفترض أن تطرح للنقاش وأن تكون مواضيع حوار بين أفراد الأسرة صغيرهم وكبيرهم وتشمل الأب والأم. إلا أن الحوار في داخل بعض البيوت يتحول إلى جدال بين الآباء والأبناء، وقد ينتهي إلى اقتتال بالكلام أو تشنج في الآراء أو حد القطيعة بين الأفراد وذويهم!! وقد يكون أحد أهم الأسباب هو غياب ثقافة الحوار في البيت. في الغالب، المرتقب من أي حوار راق وهادف هو.:

1 - استيضاح وجهات نظر كل طرف والتغلب على الفروقات ووضع النقاط على الحروف وزيادة مساحة التفاهم.

2 - تضيء لي معلومة وأضيئ لك معلومة فتصبح الصورة مكتملة لكل منا وعليه نتعاون بعد إنهاء الحوار مع مزيج من التنازل من كلا الطرفين لصياغة تفاهم وخلق فهم مشترك.

في المقابل، عالم الجدال، قد يلوي أحد طرفي النقاش أو كليهما المعلومات المطروحة بطرق مختلفة لكسب الجولات وتسجيل النقاط من قبل كل منهم ضد الآخر.

الحوار بين الآباء والأبناء يخلق شعور ويفرز مهارات:

1 - الندية مع الأطراف الأخرى

2 - احترام الرأي

3 - الثقة بالنفس

4 - نمو النقد الفكري لدى الطرفين وتبادل الآراء

5 - حسن الإصغاء

6 - تسريع نقل الأفكار بين الأجيال

7 - البوح للأسرة والفضفضة لهم والشعور بالأمان

نحن نعلم أن الجيل الصاعد لديه أدوات اتصال مفتوحة ومتعددة، وأصبح الوالدان في سباق محموم لاحتضان أبنائهم قبل أن يغرق بعض الأبناء حتى أخمص أذانهم في عالم السايبر المتعدد البحور والأعماق والزئبقي الأخلاق. فلعل بركات شهر رمضان تتيح فرص عدة للتواصل بين الوالدين والأبناء من خلال وعبر الجلوس على موائد الإفطار والسحور والسهر والتسوق المشترك لفتح أبواب الحوار بين أبناء الأجيال المختلفة داخل الأسرة الواحدة بهدف استنطاق التلاحم وردم أي فجوة سوء فهم وتجسير أي علاقة وتفادي أي مشكلة وتوضيح أي مقصود وتصحيح أي مسار. ”حوار لا جدال بين أبناء الأجيال“، شعار مرحلة يستحق التوظيف بكل ما أوتينا من طاقة ومهارة وفنون تواصل فعال لنكسب فلذات أكبادنا ونصون بيوتنا من التفكك.

فلعل من أفضل بركات شهر رمضان هو جلوس المرء وحسن حديثه وحواره لعياله.