رحمك الله يا والدي أبو حسين الدخيل
﴿وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ﴾
إنا لله وإنا إليه راجعون ونفوض أمرنا إلى الله سبحانه وتعالى وكل نفس ذائقة الموت.
والموت حق على الجميع ولا بد من الرحيل عن هذه الدنيا وتوديع الأحبة فكل شخص له يومه فالموت لا يعرف صغيرا أو كبيرا، شابا أو كهلا ولا اعتراض ولا مفر من قضاء وقدر الله علينا وكل إنسان له يومه الذي يعيشه في هذه الدنيا الفانية كان عمرا كثيرا أو قليلا كل إنسان وعمله، وماذا خرج من هذه الدنيا إما بعمل صالحا أو غير صالح ولكن رحمة الله وسعت كل شيء والجميع ضيوف بهذه الحياة التي لا بد لنا من وداعها وتركها والذهاب إلى عالم البرزخ والقبر والحساب والعقاب
وكتبت مقالات كثيرة عن فقد أحبة وأصدقاء وأقرباء وحزن قلبي على فراقهم، ويوم الاثنين السابع من محرم الحرام يوم العباس لعام 1443 هـ جري الموافق 2021/8/16 ميلادي الساعة الحادية عشرة وخمسون دقيقة ظهرا، تلقينا اتصالا هاتفيا من مستشفى الزهراء بالقطيف وخبر وفاة والدي الغالي الحاج المؤمن الخير المكافح محمد عبدالله الدخيل أبو حسين
بتوقف قلبه الذي كان ينبض بالحب والخير وذكر الله وأهل البيت ورحيله من هذا العالم حيث عانى آلام المرض وكان صابرا محتسبا أمره لله سبحانه وتعالى وكان يتنقل بين مستشفى القطيف المركزي، ومستشفى المواساة بالقطيف ولكن ساءت حالته في المرة الأخيرة ولم يرجع البيت وظل أكثر من شهر بالعناية المركزة غائبا عن الوعي في مستشفى الزهراء بالقطيف بسبب تجمع ماء بكل جسمه وانتفاخه، مما أثر على الرئتين وضيق التنفس والقلب وسبب له مضاعفات بكل أجزاء جسمه
أكتب هذه الكلمات وقلبي يعتصر ألما على فراقه، وألم الفراق صعب على كل شخص
ساعد الله قلوب الفاقدين ولكن نعيش هذه الأيام مصيبة أكبر وأعظم من مصائبنا وفقد من نحب، مصيبة الإمام الحسين وأهل بيته وما جرى عليهم في يوم العاشر من محرم الحرام سنة 61 هجرية وتضحيته بنفسه وأهل بيته وأعطى وضحى وبذل كل شي لأجل الدين واستمراره.
فهم السلوة والأسوة الحسنة لنا، ومصائبهم تغطي على مصائبنا واحزاننا وجراحاتنا وآلامنا.
وكل شخص يفقد عزيزا عليه يحس بحرارة وحسرة في قلبه وحزنا وألم الفراق الصعب وجرحا لا يندمل على مر السنين.
أبي من مزرعته الصغيرة المستأجرة أو النخل كما نسميه للمنزل، يجلس مع أصحابه في النخل ويتبادلون الأحاديث الجميلة الشيقة عن الماضي وعن أمور الزراعة وما يزرع في هذا الموسم وذاك الموسم ويتزاورون فيما بينهم بين مزارعهم الجميلة وشرب الشاي والقهوة وتناول بعض التمر أو الرطب، مع أجواء الطبيعة الجميلة ومنظر الأشجار وصوت الطيور في مزارع القديح الخضراء.
وإذا زرت والدي في مزرعته احس بالمتعة والسعادة والراحة النفسية والهواء النقي وسماع الأحاديث الجميلة من اصحابه عن الماضي وبساتين القديح أيام زمان كانت تتوفر فيها المياه والعيون الجوفية المنتشرة في مزارع القديح وكثرة الأشجار المتنوعة، ذهبت تلك الأيام الجميلة وذهبوا أصحاب المزارع الطيبين، التي كانت قلوبهم صافية نقية لا تحمل الحقد والحسد والكراهية والبغضاء لأحد أكثر وقتهم بالمزارع ويرجعون لمنازلهم متعبين وينامون ليجلسوا في الصباح الباكر ويذهبوا لمزارعهم للقمة العيش البسيطة، والكد على عيالهم ودائما يحمدون ربهم على ما أعطاهم وفي كل وقت عيشتهم بسيطة وقلوبهم طيبة
أكثرهم توفوا رحمهم الله جميعا وفدوا على رب كريم.
ومن أصحاب الوالد ومن عاشرهم سنوات عمله بالمزارع وهم:
- المرحوم الحاج مهدي آل عبدالحي وأولاده
- المرحوم الحاج عيد ال كريكيش وولده المرحوم الحاج أحمد عيد كريكيش أبو إبراهيم
- المرحوم الحاج حسن آل سقلب أبو علي
- المرحوم الحاج علي آل سقلب أبو سلمان
- المرحوم الحاج علي مجيد الخاطر أبو حسين
- المرحوم الحاج أحمد عبد رب النبي أبو حسين
- والمرحوم الحاج أحمد آل محمود أبو علي
- والحاج محمد آل درويش أبو حسين
- والمرحوم الحاج حسن علي آل درويش ابومحمد
- والحاج السيد عدنان العلويات ابوسيد علوي
- والحاج أحمد آل عليان ابوعبدالله
- والحاج أحمد محمد البحراني أبو جعفر الله يواليه الصحة والعافية ويطول بعمره الرجل الطيب المؤمن الخير
وعمل الوالد في أكثر مزارع القديح طول سنوات حياته.
وأتذكر بعض أسماء المزارع وهي:
- مزرعة المعيمري والحرير
- والفريفرات
- والمعامير
- والحامضي
- والمخيصري
- وأخيرا مزرعة الشطبان
وهذه المزرعة شمال عين الغرا مباشرة أحب والدي هذه المزرعة كثيرا وعمل فيها أكثر من خمسة وعشرين سنة وأكثر وصاحب المزرعة كان رجلا طيبا معه ويحب والدي كثيرا وكان والدي دائما يحدثنا عنه ويذكره بكل خير ويثني عليه حتى توفي واستلموا المزرعة أولاده وهم مثل والدهم طيبون
فجزاهم الله خير الجزاء والإحسان ولهذا تمسك الوالد بهذه المزرعة من معاملة صاحبها الطيبة واولاده لوالدي وصاحب المزرعة المرحوم الحاج عامر بن ليل شاهين الخالدي وأولاده.
وأثناء مرض الوالد أوصانا بالاهتمام بالمزرعة وبنظافتها وسقيها وان شاء الله سوف نتمسك ونهتم بها وهي ذكرياتنا الجميلة معه فيها..
والدي رجل مؤمن خلوق طيب موالي لأهل البيت محب لهم ساكب الدمعة على مصائبهم، مكافح صبور في حياته يذهب للمزرعة في تقلب الظروف القاسية من برد وحر ومطر ولكنه لا يترك مزرعته يحب الزراعة ويعشقها وهي في دمه وعروقه من صغره وهو يعمل مع والده.
عاش حياة الكفاح ولقمة العيش لأجل تربيتنا أنا وأخواني وأخواتي حتى كبرنا وتحملنا عنه عبء التعب والعناء التي عاشها في حياته وتحمل الظروف الصعبة القاسية.
كانت حياة الوالد رحمه الله من مزرعته للبيت هادئ الطباع لحاله كافٍ خيره شره لا يستغيب أحدا أو يتكلم أو يذكر أحدا بسوء، لا يحمل حقدا أو حسدا أو كلاما سيئا في قلبه على أحد قلبه صافٍ نقي طاهر يحب الخير للجميع يحمد ربه دائما على ما هو عليه لا يتذمر أو يشتكي لأحد عن سوء حاله أو ضيق معيشته عاش كريم النفس طول حياته، يحبنا حبا كثيرا أنا وإخواني وأخواتي عمره لم يرفع صوته علينا أو يضربنا، أو يوبخنا بكلام سيء كان أبا خيّرا طيّبا حنونا رؤوفا على زوجته وأولاده وبناته،
كان يجلس ليليا يشاهد التلفاز والقنوات الدينية والاستماع للمحاضرات.
يحب زيارة الأئمة الأطهار .
كنت مرافقه في المنزل تلك الليلة وهو تعبان بعد خروجه من مستشفى المواساة بالقطيف كل يوم كنا نتناوب مع أخواني ننام معاه كل يوم على واحد من أخواني، وكانت تلك الليلة وهي آخر ليلة له بالبيت كان دوري مناوبتي معه ونادى عليّ بصوت ضعيف ومتعب يناديني حسين حسين قمت له وقلت له معاك يبه تبي شي قال أبي ماء سقيته ماء، مسك يدي بقوة وقال لي أبغي أروح للإمام الحسين والعباس ودمعت عيناه وبكى، قلت له إن شاء الله تقوم بالسلامة وترجع صحتك مثل أول وأحسن ونوديك للإمام الحسين والعباس إن شاء الله أنا ما عندي عمل أروح معاك
ما هذا الحب والتعلق والعشق الحسيني بأهل البيت هنيئا لك هذا يا والدي.
هذا الكلام في الصباح وفي المساء تعب نقص الأكسجين عنده فجأة وأسعفناه لمستشفى الزهراء بالقطيف وأكثر من شهر منوم بالعناية المركزة وتحت اللطف ودعاء المؤمنين له حتى استخاره الله في هذا الشهر شهر الإمام الحسين والعباس وتوفي في يوم السابع من الشهر الحرام يوم العباس وإن شاء الله العباس أبو فاضل سوف يستقبله مع أهل البيت .
أبي عشت فقيرا لست من أصحاب الملايين أو الأراضي والعقارات والأرصدة والحسابات بالبنوك ولكنك عشت غنيا بأرصدتك العالية بإيمانك بتواضعك بأخلاقك الطيبة المحبة وحبك للجميع وولائك لأهل البيت .
ربيتنا أنا وأخواني وأخواتي أنت وامي أحسن تربية وعلمتمونا الحب والولاء لأهل البيت وأن نكون متكاتفين متحابين مع بعضنا البعض ولا تفرقنا الدنيا مهما كانت الأسباب، وأن نسامح ونصافح ونبتسم للآخرين ونصل أرحامنا وتعلمنا منكم كل الصفات الطيبة الجميلة التي كانت لديكم.
والحمد لله رب العالمين أصبحنا كما تريدون أولادا وبناتا بارّين بوالديهم محبين للناس.
نعاهدك يا والدي أننا لن ننساك أبدا وسوف تخلد في ذاكرتنا للأبد وذاكرة أولادنا والأجيال القادمة يذكرون جدهم أبو حسين الدخيل الرجل المكافح، وسنقوم بما نستطيع من أعمال تفيدك بعد مماتك..
من صلوات وختمات قرآنية وزيارة وصدقات ولا ننسى زيارة قبرك بإذن الله تعالى.
وفدت على رب كريم..
وهذا قضاء الله وقدره وكلنا راحلون..
رحلت يا أبي إلى من تحب وهم إن شاء الله شفعاء لك يوم القيامة وسوف ياخذون بيدك إلى جنة النعيم والفردوس..
رحمك الله يا أبي.. ساعد الله قلوب من فقدوا آباءهم الآن عرفت ألم وصعوبة وحزن فقد الأب...
إنا لله وإنا إليه راجعون وعظم الله أجوركم بهذا الشهر شهر الإمام الحسين .
ورحم الله موتانا وموتاكم وموتى المؤمنين والمؤمنات ورحم الله من يقرأ لهم سورة الفاتحة.