القديح حزينة بفقد الأحبة
القديح حزينة بفقد الأحبة، الموت حق على الجميع ولا بد أن يمر على الجميع في هذه الدنيا الفانية، وشيء لا بد أن نتقبله رضينا أم أبينا ونسلم له وبه، ونودع من عشنا معهم.
وقد حثنا النبي صلى الله عليه وآله على التحلي بالصبر فقد جاء في الرواية عن أم سلمة زوجة النبي ﷺ قالت: سمعت رسول الله ﷺ يقول:
«ما من مسلم تصيبه مصيبة فيقول ما أمره الله عز وجل ”إنا لله وإنا إليه راجعون، اللهم أجرني في مصيبتي، وأخلف علي خيرا منها“ إلا آجره الله عز وجل في مصيبته. وأخلف له خيرا منها». [بحار الأنوار للعلامة المجلسي ج 79 ص 140].
أصبح الموت يخطف أحبتنا كل يوم كهولا وشبابا ونساء وصغارا، فكل يوم نصبح ونمسي ونسمع خبر وفاة فلان وفلانة من أهالي القديح ومناطق القطيف، تذكرت يوم فاجعة حريق القديح كل يوم نسمع خبر وفاة، ولا ننسى ذلك الكابوس المخيف الذي أصاب قديحنا الغالية وأفجع قلب كل بيت، والقديح مترابطة بالنسب فأكثر عوائل القديح مرتبطة بالأخرى، فالجميع عائلة واحدة والفاجعة كانت فاجعة ومصيبة الجميع، فكان لا يخلو بيت من فقد زوجة أو أخت أو قريبة أو جارة كانت فاجعة حريق القديح ليلة دامية على الجميع، وأتذكر موقفا حصل لي في تلك الليلة الأليمة لن انساه طول حياتي كنت خارجا من بيت الوالد ذاهبا إلى ديوانية في الفريق وإذ أرى رجلا يصرخ صراخا بحالة هيستيريا ويلطم على رأسه، ويقول ماتوا ماتوا كلهم ماتوا احترقوا، وقفت مذهولا أقول ”ويش صاير“، أقول له ”من الي ماتوا من الي احترقوا“ ادخلته بقالة المصطفى في الفريق وساعدني صاحب البقالة وأحضرنا له ماء باردا ولما شربه هدأت أعصابه، فسألناه: ماذا حدث لك؟ وهو يبكي ويداه على راسه ويقول: ”إنا لله وانا إليه راجعون، ماتوا ماتوا احترقوا كلهم“ قلت له: ”من ذولا الي ماتوا واحترقوا“ قال: ”فيه خيمة كبيرة فيها زواج الليلة حريم وأطفال احترقت الخيمة عليهم وماتوا كلهم“، قلت له: ”ويش تقول“، خبر كالصاعقة ما أدري وين أذهب، أذهب للخيمة المحروقة لو أرجع البيت لو وين أذهب ذهبت إلى الديوانية لأتاكد من الخبر قالوا لي الخبر صحيح وفيه بنات فلان وفلان من أقربائنا والذين معي من أقربائهم، قالوا نذهب لمستشفى القطيف المركزي لكي نطمئن على المصابات والمصابين ومن مات ومن خرج سالما وعند ذهابنا للمستشفى وصلنا الشارع العام وإذا نرى الإسعافات في طريق الذهاب والرجعة، أصبح الليل نهارا من أنوار الإسعافات الحمراء والزرقاء، وصوتها يملأ الشارع، وصلنا المستشفى كان زحمة أهل المعاريس ومن ذهب لتلك الخيمة، شخص يسأل عن زوجته وشخص يسأل عن أخته أو أخواته، وحالة حزن وألم حالات حريق صعبة متعددة الدرجات وحالات وفاة والجميع يريدون الاطمئنان على نسائهم وبناتهم ليلة لا تنسى من الذاكرة ليلة أليمة مرت على القديح حيث شب الحريق في خيمة العرس، واستشهد 70 من نساء وأطفال حتى بعض الرضع، كابوس مؤلم مر علينا قبل 22 سنة.
بتاريخ 1999/7/31 ميلادي. وكل سنة ترجع بنا تلك الذكريات والفاجعة الأليمة بهذا التاريخ الذي لن ينسى ابدا من ذاكرة أهالي القديح.
حتى مرت على القديح فاجعة أخرى وأحزنت كل بيت من فقد الأحبة والأصدقاء هي حادثة التفجير الإرهابي في مسجد الإمام علي ، وكان يوم الجمعة بتاريخ 2015/5/22 ميلادي قبل 6 سنوات، وكان عدد الشهداء 23 شهيدا، من خيرة أبناء القديح الطيبين المؤمنين الذين فقدناهم، بعضهم توفوا أثناء التفجير وبعضهم كانوا في المستشفيات بالعناية المركزة وكل يوم نسمع عن شخص توفي، وبعضهم تماثل للشفاء وخرج من المستشفى.
هذه الأحداث الأليمة أتعبت قلوب أهل القديح وكل من سمع بها من قريب أو بعيد، وكانت القديح صابرة مسلمة أمرها لله سبحانه وتعالى، وخلال هذه الأيام والأسابيع الماضية كل يوم نسمع خبرا أليما محزنا عن فقد شخص أو أشخاص من قديحنا الغالية رجلا أو امرأة يتوفى من كورونا أو أزمة قلبية، أو مرض فأصبحت القديح حزينة تداوي جراحها وألمها وتبكي حزنا على فقد أحبتها.
واليوم السبت الموافق 2021/7/31 ميلادي فجعنا بخبر وفاة الشاب أحمد فؤاد أحمد العرفات، والشاب السيد فاضل ابن صاحبنا السيد نزار الصايغ الذي افجعوا قلوبنا هذا اليوم.
والسيد فاضل قمة في الأخلاق والتعامل الطيب مع الأخرين من أصدقاء واقرباء محبوب من الجميع يحب العطاء لمجتمعه مهندس بترول في شركة أرامكو السعودية حاصل على بكالوريوس في الهندسة والبترول الطبيعي، وكان هدفه نشر التقنية والعلم والمعرفة في المجتمع من خلال فاب لاب مستقبلي.
الله يصبر قلبك يااخي وصديقي ياسيد نزار الصايغ على فقد هذا الولد الطيب المؤمن، ويصبر ويساعد كل فاقد عزيز عليه، انا لله وانا اليه راجعون
وعظم الله أجوركم
رحم الله موتانا وموتاكم وموتى جميع المؤمنين والمؤمنات، وإن شاء الله ترجع لنا الحياة طبيعية مثل أول ويزول عنا هذا الوباء والبلاء والكابوس اللعين كورونا، والجميع في صحة وسلامة وعافية وتسلم لنا أحبتنا، والله يشافي ويعافي جميع مرضى المؤمنين والمؤمنات يا رب العالمين.