الشباب يواجه غربة قيمية وغياب الرؤية «3»
ان المجتمع يعيش حالة من التغيرات المتراكمة وحالة من الصراعات المختلفة بين فئاته ليشكل الصورة الظاهرية لاتجاه المجتمع أي ”بوصلة المجتمع“ ولتبرز صورة عامة يشترك في تصورها غالب الذهن الاجتماعي.
وبتحليل بسيط ولو نظرنا قليلا لحيثيات المجتمع فسنرى ان به عدة امور مهمة:
1 - القيم تعيش وضعا خلافيا في مفاهيمه ومصاديقه فهناك من يريد تعديله وتطويره واخر يبقيه ويثبته وآخر يدافع عنه بقوة بل يجده متميزا عن كل قيم الاخرين.
2 - الحواجز الواقعية امام المجتمع بكل فئاته وهي مجموعة راس المال والعقار وهدفه الاهم جمع المال ويقف عقبة حقيقية امام نمو الطاقة المتوسطة الصاعدة مادام لم يدخل في صناعة تطوير وتنمية قدرات المجتمع.
3 - غياب الرؤية والاجتماع والالتفاف حول هدف وطريق واضح لكثرة التنظيرات وتنوعها وعدم تحديد رؤية موحدة يمكن من خلالها جمع شتات الافكار والغايات نحو هدف واحد.
وامامنا عدة امور اخرى تضاف للواقع الضبابي وتمثل واقعا متناميا دون تحديد مفاهيمه:
1 - حضور واصرار المرأة على المشاركة في القرار الاجتماعي عبر العمل والتطوع ومشاطرة الرجل مهامه وهي تجد ان العمل يمونها بعديد الطاقات التي يمكنها التأثير المباشر على قرار المجتمع وبوصلته.
2 - فراغ الاسرة من القيمة المعنوية بانشغال الجميع بالعمل والاعتماد على الخادمة والسائق وتحولهما شيئا فشيئا الى مربين غير شرعيين - ان صح التعبير - لابنائهم.
3 - تعرض الاسرة الى مزيد من التفكك حيث يعمل الرجل والمرأة خارج البيت وايضا تنعدم شيئا فشيئا العلاقة العاطفية بين الزوجين الشابين لتنتهي بالزوج في الديوانية والزوجة في العمل او السوق وتتحول حياتهما الى جفاف عاطفي ينتهي بانفصال عاطفي او طلاق شرعي.
النتيجة = فقدان الابناء لعنصر العاطفة المهمة واعتمادهم على الخادمة والسائق.
اما الشاب فحدد جُل مسيرته = مال + راحة + استجمام + رفاهية.
لنعد الى موضوع طرحناه في احدى مواضيعنا عن ”البردايم“ وقلنا ان البردايم تتشكل فيه الرغبات النفسية لدى الانسان منذ صغره وهي في ديناميكية متغيره تتشكل في ذهنه صورة ابيه وامه واصحابه ومدرسته ورغباته التي تشغل باله، بعضها يبقى في ”الوعي“ واخر يتحول الى ”لا وعي“ وتكون هي الاكثر تحريكا لنفسه واتجاهه.
1 - ضعف الاشباع العاطفي من الام فتشبعه الخادمة او السائق الذي سوف يعطي الفتاة الصغيرة والصبي الصغير حاجاتهم النفسية والعاطفية.
2 - الفقر يجعله انسانا يشعر بالنقصان المادي والعاطفي ويحول بعض صوره النفسية الى ان السعادة بالمال.
3 - اليتم يجعله شخصية تواقة للعاطفة المفقودة ويستثيره المتعاطف مع نفسيته.
4 - الغنى يجعل حالة التشبع المادي الى شعور بالتفوق والتميز على الفاقدين لتلك النعمة «ان الانسان ليطغى ان راه استغنى».
اذن الانسان من خلال حياته يواجه تركمات نفسية تتحول في اغلبها الى ”لا وعي“ تكون هي الضاغطة على نفسيته والمحركة لرغباته وهذا الذي يستبطنه البردايم ليكون هو المحرك الباطني لنفسيته بلا وعي.
يتبع... مقارنة بين الجيل الحالي وجيل الاباء والاجداد