آخر تحديث: 23 / 11 / 2024م - 8:37 م

دعونا نؤسس للافكار المبدعة في ”بنك الابداع الفكري“ «2»

الشيخ حسين البيات

ذكر الباحث ابو الفتح الخازني ان البيروني وإبن سينا والإدريسي في القرن التاسع، سبقوا نيوتن «منتصف القرن السادس عشر» في اكتشاف الجاذبية الارضية وعبروا عنها بتعابير مختلفة ك ”ان الاثقال تكون نحو الاسفل وان كل شيء ينجذب نحو الارض“.

الا ان قانون الجاذبية الارضية سجل براءة اكتشافها نيوتن المولود عام 1643م مع ما واجهه من يتم منذ ولادته حيث مات ابوه قبل مولده بثلاثة اشهر وتزوجت امه بعد فترة لكن المثابرة ومواصلة درب العلم جعله مدرسا وباحثا في الجامعة حتى شاءت الصدف ان يسجل اكتشافه العظيم عن جاذبية الارض لسقوط تفاحة كانت الاكبر اثرا على قوانين الفيزياء وتقدم العلم الطبيعي.

وكان للشيخ البهائي الذي توفي قبل نيوتن بعشرين سنة ابداعات علمية كبيرة ولعل مشهورها تسخين الماء بشمعة وحركة المنارتين لكننا لا نجد ذلك الزخم العلمي الذي حضى به الغربيون وان كان لاديسون في اختراع المصباح وانشتاين في النسبية وسوزه في الحاسوب اكبر الاثر في تغيير تاريخ الانسانية.

ولو عدنا للوقوف على اسرار تلك الابداعات فسنجد ان الفكرة التي اختمرت وقفزت الى الذهن فجأة قد تكون نتيجة جهود علمية من البحث والتدقيق ولكنها في الحقيقة تحتاج الى بيئة ترعى هذه الفكرة وتنميها وتعمل على توسعتها ووضع الاطر المفيدة لجعلها اكتشافا او عملا قابلا للانتاج.

ان عقل الانسان يسير في حركة ابداعية مستمرة قد تدون تلك الافكار وقد لا تحتفظ بها وتضيع في عالمها وما يهمنا اليوم هو كيفية جمع هذه الافكار في مدونة عشوائية تجمع كل ذلك دون الاكتراث باهميتها او بساطتها ومن ثم غربلتها ووضع المهم منها في قائمة الاولويات لما يمكن لنا من دراستها وتحقيقها واقعا.

كثيرا ما ننشغل بتوافه العنواين وتجرنا الى هوامش الحياة لتجعلنا منساقين الى التفكير الهامشي ولو فكرنا في كيفية توظيف تلك الطاقات في مجال الابداع الفكري لاصبحنا نملك العديد من ادوات الصناعة والانتاج.

”لا تشغل نفسك بما يعمله الاخرون بل فكر بما يمكنك ابداعه فانهم يصنعون لانفسهم فاصنع لنفسك واذا نجحوا في اشغالك فقد اخروك كثيرا، ولو انشغل المجتمع بجمع الافكار المبدعة لامكنه القفز عاليا واغلب ابداعات الامم فكرة صنعت تأملا وقانونا“.

يخيم علينا اليوم عنواين تستهلك جل فكرنا وخيالنا لما يمكننا ان نكون عليه ولو تفكرنا ساعة واحدة في جنباتها ولم نشغل الواقع الاجتماعي، لامكننا القفز بمجتمعنا الى واقع اجمل وأكمل فالأمور التي لا تملك تأثيرا واقعيا في تغييرها او تلك التي ستأتي وستقبلها انت وغيرك فلا تجعلها في قائمة اولوياتك بل اجعل لها خطوات عملية لصنعها ودع الواقع يسير بها وكن المصلح والمنظر العملي لها بحلول مفيدة وناجعة فالبكاء والعويل والتهويل لن يوقفها بل سيجعلك المنبوذ بينهم.

ان التوجه الشبابي وهو اكبر خزينة من الطاقة التي يملكها المجتمع ابداعا وتميزا اذا استطعنا الاستفادة منه في بناء ”بنك الابداع الفكري“ بجمع كل فكرة والاستفادة منها لبناء مجتمع صانع للطائرة والسفينة والصاروخ والسيارة لا مستخدمها فقط كما نحن عليه اليوم.

”وقل ربي زدني علما“ ووفقنا للتقدم بعقول وسواعد شبابنا وشاباتنا الى مستقبل واعد بعون الله تعالى.