مأساة حريق القديح الدامية وقصة البطل السيد جواد العلوي
فاجعة حريق خيمة العرس الدامية بالقديح التي مضى عليها أكثر من 26 سنة، ولكنها لن تنسى من ذاكرة من عاشها وفقد أحبة له فيها.
حدثت الحادثة يوم الأربعاء ليلة الخميس 15 ربيع الآخر 1420 هجري. الموافق 28 يوليو 1999 م.
كانت الخيمة في تلك الليلة مكتظة بالنساء والأطفال وبشكل سريع تندلع النيران فيها ولبضع دقائق يسقط سقف الخيمة على جميع الموجودين فيها، وتصبح رمادا وتخلف «76» حالة وفاة من النساء والأطفال.
والقديح هي بلدة تقع شمال غرب محافظة القطيف، ووقع الحريق شمال القديح، وحاليا مكان الحريق مسجد أطلق عليه مسجد الشهداء.
كانت ليلة الفاجعة أتذكرها وعشتها وأذكر أصبح الليل نهارا على طريق الظهران الجبيل السريع المؤدي لمستشفى القطيف المركزي من كثرة سيارات الإسعافات، لإسعاف المصابين، ورأيت الجثث المحترقة وأهالي المتوفين والمصابين في ذهول وحالة من الهيستيريا بين مصدق ومكذب وكأننا نرى فلما وكابوسا مرعبا.... لا نعلم متى ينتهي.
فكانت فاجعة حريق القديح فاجعة لكل قديحي، لأن أهل القديح كلهم عائلة واحدة أغلب العوائل متداخلة بعضها البعض من القرابة والنسب فالمصاب والفاجعة كانت مصيبة الجميع.
وسوف أتحدث عن بطل كان موجودا في خيمة العرس مع والدته وأخيه الأكبر وكان عمر السيد جواد آنذاك 6 شهور، وقد نجا من الحريق مع والدته وأخيه، وهو الآن يعيش معنا في بلدة القديح.
هو البطل السيد جواد مهدي جعفر العلوي القديحي. وهو يروي لنا قصته. وهي قصة أمل من تحت رماد عرس الخيمة إلى نور الحياة والإنجاز.
يقول السيد جواد:
«كان عمري 6 شهور لم أعش الحادثة المأساوية الحزينة التي راح ضحيتها «76» شخصا من النساء والأطفال، أغلبهم من عائلتي.
فقدت جدتي لأبي سكينة علي المعلم، وعمتي بتول السيد جعفر العلوي، وبنت عمي زهراء السيد إبراهيم العلوي، وابن عمي السيد حسن السيد عباس العلوي، وبنت عمتي فاطمة عبد المحسن آل سليمان، واختان لي علوية، وبتول السيد مهدي العلوي.
وغيرهم من الأقارب…
وبعد الحادثة الأليمة تم ابتعاثي خارج المملكة للعلاج، وعندما كبرت كان أهلي يقصون لي قصة حريق الخيمة والأحداث التي حصلت فيها تدريجيا حتى فهمت كل تفاصيلها، وكأني أعيش قصة من قصص الرعب المخيفة،
وقلت في نفسي هل أعيش باقي حياتي منعزلاً عن الناس والمجتمع، أو أكون شخصا طموحا صاحب رغبات وهوايات مثل الأشخاص الآخرين الأصحاء، ولا استسلم لظروفي وحروق جسدي، ونظرات الناس لي، فقررت أن أعيش بكل إصرار وعزيمة وتحد والتي سوف أواجهها في حياتي.
فقررت الدخول في في مجال الرياضة، وأمارس هواياتي التي أحبها وأعشقها، فسجلت في أحد النوادي في لعبة كرة اليد، وحصلت على التشجيع والتحفيز من أهلي وجميع من حولي، وبعد ذلك التحقت بلعبة الجري وألعاب القوى، وحققت فيها المركز الرابع في ال 100 متر للألعاب السعودية، والمركز الأول في ال 100 و 200 متر ببطولة المملكة.
وسجلت في المنتخب السعودي ببطولة غرب آسيا وحققت على مستوى ال 100 وال 200 متر المركز الثاني والثالث، وحصلت على ميداليات كثيرة.
والحمد والشكر لله تأهلت لبطولة العالم، وإن شاء الله أحقق المركز الأول فيها، وأرفع اسم بلدي القديح وعلم وطني المملكة العربية السعودية عاليا شامخا وبكل فخر واعتزاز، فرسالتي لذوي الهمم وأصحاب الإعاقة ومن فقد أي عضو من جسده.
أقول لهم أن الحياة لا تتوقف عند حد معين وتنتهي، وأن الله سبحانه وتعالى يأخذ منا القليل ويعطينا الكثير، رحمة الله وسعت كل شيء وفوق كل شيء. فيجب علينا ألا نستسلم لظروفنا مهما كانت قاسية وصعبة، وإصابتنا وإعاقتنا ومرضنا لا يثنينا عن مواصلة هدفنا. ولا نجلس ننتظر الموت.
بل نواصل ونعيش حياتنا بشكل طبيعي ونختلط بالمجتمع، ونواصل حتى نصل لمبتغانا وأهدافنا بكل إصرار وتحد وعزم وعزيمة».
ونحن والمجتمع نقول لك يا سيد جواد العلوي وكل من له إعاقة، أو من ذوي أصحاب الهمم واصلوا طريقكم نحو النجاح والتألق.
فكم شخص من ذوي الاحتياجات والهمم وصل وحصل على الشهادات العليا وحصد الجوائز والميداليات الذهبية، وكانوا أفضل من الأشخاص الأصحاء…
فتحية شكر وحب وإجلال واحترام لك ولعائلتك الكريمة يا سيد جواد والله ينير دربك ويوفقك في حياتك العلمية والعملية يا رب العالمين. ورحم الله جميع من توفوا في حادثة حريق القديح الأليمة.