صحة الدماغ والثبات المعرفي
يبدو من تواصل الأصدقاء والمعارف معي أن المقال السابق ”التقاعد والتدهور المعرفي“ [1] قد أثار بعض القلق المصحوب بالتساؤل هل يمكن منع هذا التدهور والحفاظ على صحة الدماغ؟، مما دفعني حالًا إلى البحث وكتابة هذه السطور، والتي أتمنى أن تكون نافعة ومطمئنة، وقد تأخرت في نشرها بسبب الإنشغال في أبحاث أخرى.
بصرف النظر عن العمر، فإن رعاية الدماغ أمر بالغ الأهمية للصحة العامة، والتدهور المعرفي ليس أمرًا حتميًّا مع تقدمنا في العمر. في الواقع، هناك أشياء يمكننا القيام بها للمحافظة على صحة أدمغتنا مع التقدم في العمر. يقول تقرير جديد نشرته ”أيه - أيه - آر - بي“ (AARP) [2] : أن هناك طرق للمساعدة في حماية أدمغتنا، منها:
- النَّوم الجيد والكافي «Quality Sleep»
- التحكم في مستوى الإجهاد «Managing Stress»
- النشاط الدائم «Staying Active»
- الغداء الصحي «Eating Healthy Food»
- أن تكون اجتماعيًّا «Being Social»
- تحفيز الدماغ «Engaging your brain»
إنّ تناول الطعام الصحي والتمتع بعلاقات اجتماعية وتنشيط الدماغ وتحفيزه دائمًا عوامل تساعد على حفظه في حالة صحية جيدة. وكما إنّ ممارسة التمارين الرياضيّة ضروريّة للعضلات، فإنّ الدّماغ يحتاج تمارين وممارسة أيضًا؛ فما هو جيد لعضلاتنا هو جيد لأدمغتنا أيضًا، وعلينا أن نبقيها في إنشغال دائم.
جاء في تقرير «AARP» كذلك أنّ الحفاظ على صحة الدماغ أسهل لبعض الأشخاص مقارنة بغيرهم. إنّ من يعيش في مجمتع يمثل فيه الأمن والأمان مشكلة، أو ليس فيه أرصفة مشاة، يصعب عليهم ممارسة الرياضة. كما أن إمكانية الوصول إلى أماكن مثل الحدائق والاستجمام والتواجد فيها يساعد في عملية أن يكون الفرد اجتماعيًّا، ولكن إذا لم يكن لديه هذه الفرص، أو إذا كان يعاني من ”الحرمان الاقتصادي“ «ضعف الحال المادي»، فمن الصعب عليه أن يمارس الرياضة، المشي أو غير ذلك، بشكل اعتيادي، وخاصة إذا كان يعمل في مهنة شاقة أو طويلة أو يعمل في أكثر من وظيفة لتأمين احتياجاته واحتياجات أسرته، إن كان معيلًا.
يضيف التقرير إن التكنولوجيا والمنصات الإلكترونية والتواصل الاجتماعي يمكن أن تساهم في نشر الوعي حول أهمية الحفاظ على الدماغ وبقاء الذهن متوقدًا. فإذا تداولت المجموعات وأصحاب المؤسسات ومقدمو الرعاية الصحية الحديث عن صحة الدماغ أصبح الأفراد أكثر وعيًّا في هذا الأمر، وعلموا أن هناك أشياء يمكنهم القيام بها فهذا يسهل عليهم الحفاظ على أدمغتهم، وتأخير أو إبطاء التدهور المعرفي.
وهذا ما يؤكده الدكتور داييل أمين «Daniel Amen»، طبيب أعصاب أمريكي، وصاحب ”عيادات أمين“ «Amen Clinics» وله عدة كتب في هذا المجال ومقالات ولقاءات ومحاضرات. آخرها محاضرة مهمة قبل فترة قصيرة على منصة يوتيوتب «YouTube» حول هذا الموضوع [3] . في هذه المحاضرة، ومحاضرات أخرى ومؤلفات عديدة، يشدد الدكتور أمين على عوامل متعددة لتحقيق ”صحة الدماغ“ لبقاءه فاعلًا معرفيًّا «cognitively functioning»، فصحة الدماغ والإبداع «creativity»، الذي هو أظهر تلجيات الوظائف المعرفية، مرتبطان بشكل وثيق. هذه العوامل هي:
1- أن نتبه للطعام الذي تتناوله «قد يكون دواءً أو سمًا».
2- النوم 7 ساعات في اليوم.
3- المحافظة على روابط وعلاقات اجتماعية إيجابية.
4- الابتعاد عن الكحول «حتى القليل منه» والتدخين، فهما يؤثران على الدماغ بشكل سيء.
5- الوزن المعتدل حسب العمر والطول، فالسمنة «زيادة الوزن» وزيادة الدهون في الجسم تؤثر سلبًا على وظائف المخ.
6- مراقبة ضغط الدم بانتظام وإبقاءه معتدلًا، لأن ضغط الدم المرتفع يقلل من تدفق الدم إلى المخ.
7- التخلص من الأفكار السلبية التلقائية «Automatic Negative Thoughts»، يسميها «ANTs»، فهي، حسب الدكتور أيمن، بذور الإضطراب، والقلق والإكتئاب.
8- الامتنان «gratitude»: ويتمثل في ذكر النعم الذي يملكها الإنسان، وينصح الدكتور أمين بأن يكتب الفرد منا كل يوم لمدة 3 أسابيع 3 أشياء يملكها ويشعر أنها نعم لذيه، عندها سيلاحظ التأثير والأثر. [4]
9- حماية الرأس من الضربات والاصابة. المعروف أنَّ الجمجمة سميكة وصلبة، لكنّ الدماغ رخو، وإصابة واحدة فقط يمكن أن تسبب ضررًا شديدًا، كما قال الدكتور آمين. هناك خطوات بسيطة يمكننا اتخاذها لحماية الرأس من الإصابة، على سبيل المثال، ارتداء خوذة، وارتداء حزام الأمان، والابتعاد عن الرياضات الثقيلة ككرة القدم الأمريكية «Fooball»، والملاكمة، وكذلك ضرب الكرة بالرأس في كرة القدم «Soccer». وهناك طبعًا طرق أخرى لتجنب الإصابة التي قد لا تكون واضحة.
10- العلاج السريع من الأزمات العاطفية. إن إيذاء الدّماغ لا يأتي من أضرار وإصابات جسديّة فقط؛ إنّ الصدمات العاطفية تؤثر سلبًا وبقوة على الدماغ ويمكن أن تترك آثارًا أطول أمدا، لذا فإن التحدث مع ”معالج“ «نفسي»، مُرخَّص للعمل، حول الصدمة يساعد في شفاء الدماغ بمرور الوقت.