التقاعد والتدهور المعرفي
يختلف التدهور المعرفي بعد التقاعد حسب الجنس والعرق والتعليم، وذلك بناءً على نتائج دراسة حديثة، نُشرت قبل يومين (19 يوليو 2023 م) في مجلة الجمعية الأمريكية لطب الشيخوخة [1] . الدراسة التي شملت 2226 متقاعد تمت متابعتهم لمدة تصل إلى 10 سنوات تسلط الضوء على المعدلات المتفاوتة للتدهور المعرفي بين مختلف الأعراق والجنس بعد التقاعد، وذلك ”لأن التقاعد هو فترة انتقالية حاسمة لكثير من البالغين مع عواقب محتملة للشيخوخة الإدراكية، قمنا بفحص مسارات التغيير المعرفي قبل وبعد التقاعد عند البالغين السود والبيض.“
وقد اتبعت الدراسة المنهج ”الطولي“ (Longitudinal) لمدة تصل إلى 10 سنوات (بمتوسط = 7,10، ± 2,2 سنة) بفحص بيانات من دراسة ”Reasons“ للاختلافات الجغرافية والعرقية في السكتة الدماغية (REGARDS)، وهي دراسة وطنية طولية للبالغين السود والبيض الذين تزيد أعمارهم عن 45 عامًا. كانت البيانات من 2226 مشاركًا في دراسة REGARDS من الأمريكين الذين تقاعدوا في وقت قريب من إجراء المسح المهني الإضافي. وعرفت الوظيفة المعرفية (Cognitive function) بأنها ”متوسط درجات زي“ (z scores) [2] لاختبارات الطلاقة اللفظية (verbal fluency) والذاكرة (memory) والوظيفة العامة (global function).
ويمكن تلخيص نتائج الدراسة بالنقاط التاليّة:
(1) كان الأداء المعرفي (Cognitive functioning) مستقرًا قبل التقاعد، لكنه بدأ ينخفض بمعدل متسارع بعد التقاعد مباشرة، حسب الجنس والعرق وعوامل أخرى، حيث تشير الدراسة إلى التالي:
(أ) انخفاض ملحوظ في الإدراك بعد التقاعد لدى البالغين البيض.
(ب) أظهر الرجال البيض أكبر انخفاضًا.
(ج) أظهرت النساء السود أقل انخفاضًا. [3]
(2) أظهر الجامعيُّون تدهورًا إدراكيًّا أكبر بعد التقاعد من أولئك الذين لم يدرسوا في الجامعات.
(3) في حين أن درجة تعقيد العمل (work complexity) والدخل الأعلى (higher income) كانا مرتبطين بالوظيفة المعرفية (cognitive function) أكثر قبل التقاعد، لم يكن أي منهما مرتبطًا بشكل كبير بـ ”التغيّر المعرفي“ (cognitive change) بعد التقاعد. ويقترح الباحثون أن عوامل مثل فرص العمل وعدم المساواة الهيكليَة (structural inequalities) طويلة الأمد قد تلعب دورًا في ”الشيخوخة المعرفية“ (cognitive aging) [4] بعد التقاعد. ”قد“ هنا بمعنى أن المحددات الاجتماعية (social determinants) للصحة المعرفية (cognitive health)، على سبيل المثال، عدم المساواة الهيكليّة، والفصل المهني (occupational segregation)، الذي يؤثر على فرص العمل قد تعتم رؤية دور التقاعد في تدهور ”الشيخوخة المعرفية“. يعلّق المؤلف الرئيس لتقرير الدراسة البرفيسور روس أنديل (Ross Andel) قائلًا: ”يبدو أن النتائج تشير إلى احتمال أن تؤدي فرص العمل الأفضل إلى خسائر معرفية أكبر بعد التقاعد، في حين أن التعرض للتفاوتات الهيكليّة طويلة الأمد قد يسهل في الواقع الانتقال إلى التقاعد ومن ثمَّ الشيخوخة المعرفية“.