|
|
إن الخطاب الإسلامي في عمومه يركز على حق الله والعبادات المستحقة على العبد تجاه خالقه، ويهمل في جانب كبير من توجيهاته وخطاباته حقوق الإنسان، مع أننا نعرف أن من أهداف رسالات الأنبياء هو القسط، أي إقامة العدالة الاجتماعية والقانونية بين الناس جميعًا، يقول تعالى: ﴿لقد أرسلنا رسلنا بالبينات وأنزلنا معهم الكتاب والميزان ليقوم الناس بالقسط﴾.
لكن الخطاب الديني ركز على الدفاع عن حقوق الله تعالى، وضَعُفَ اهتمامه بالدفاع عن حقوق الإنسان، وخير شاهد على ذلك البحوث الفقهية التي ركزت على أحكام الصلاة والصيام والحج، ذاكرة مختلف الصور والاحتمالات، حتى الخيالية من مسائلها، بينما لم يتبلور عنوان جامع عن قضايا حقوق الإنسان في الفكر ولا في الفقه، ولم تطرح إلا بشكل عابر ضمن أبواب فقهية مختلفة.
وكذلك على مستوى الإعلام والتثقيف الجماهيري، حيث يلاحظ الحديث عن جانب الواجبات الشرعية العبادية، والتحذير من الذنوب والمعاصي، أما الحديث عن حقوق الإنسان السياسية والاجتماعية والفكرية، والتحذير من انتهاكها فهي قليل نادر.
إن سيطرة الاستبداد السياسي على الأمة سمح بتقديم الإسلام كغطاء لأبشع ممارسات القمع ومصادرة الحريات وانتهاك الحقوق في حقب طويلة من تاريخ الأمة، ما جعل تناول هذه الموضوعات الحياتية نادرًا في الدراسات والمؤلفات الدينية.
حول هذه الأفكار وغيرها يناقش المؤلف مسألة حقوق الإنسان في واقع الخطاب الإسلامي المعاصر، ويحاول أن يعرض لهذه الحقوق من المنظور الإسلامي، معتمدًا في ذلك على النصوص والوقائع الإسلامية في عصوره الأولى وبدايات تأسيس المجتمع الإسلامي.
وذلك ضمن الفصول التالية:
- الإنسان بين النص والخطاب الديني
- كرامة الإنسان والخطاب الديني
- الخطاب الديني والاهتمام بالإنسان
- الإسلاميون وحقوق الإنسان
- واجب الدفاع عن حقوق الإنسان
- ثقافة حقوق الإنسان وبرامج العمل
- بين الحقوق والواجبات
- قدسية الحياة وثقافة الاستهتار
- النهي عن المنكر شفقة وإصلاح
الطبعة الأولى: 2005م، المركز الثقافي العربي، الدار البيضاء ـ المغرب.