آخر تحديث: 21 / 11 / 2024م - 3:01 م

تصعيد المواجهة بين الغرب وروسيا

يوسف مكي * صحيفة الخليج الإماراتية

يبدو أن الأمور تتجه نحو الأسوأ في العلاقة بين الغرب وروسيا، وجوهر الخلاف يتمحور حول العملية العسكرية الخاصة التي شنتها روسيا على أوكرانيا منذ أكثر من عام. ولعل الأخير في هذه المواجهة، هو قرار موسكو بخفض عدد موظفي المؤسسات الألمانية في روسيا إلى 350 شخصاً، بما يعني أن عدداً كبيراً من الألمان يقدرون بالمئات، سيكونون مضطرين للمغادرة، قبل بداية شهر يونيو/حزيران القادم، من بينهم دبلوماسيون ومعلمون وموظفون في «معهد غوته الألماني».

ويأتي هذا التصعيد، متزامناً مع إعلان ألمانيا قيامها بتدريب طيارين أوكرانيين، واحتمالات تزويد أوكرانيا بطائرات قتالية متطورة للدفاع عن نفسها، وأيضاً الوعد بدراسة طلب الرئيس الأوكراني زيلنسكي من نظيره الألماني، المستشار أولاف شولتس، بتسليم بلاده صواريخ بعيدة المدى من نوع «توروس»، قادرة على ضرب العاصمة الروسية موسكو.

يأتي هذا التطور وسط تصعيد عسكري أوكراني في المواجهة مع روسيا؛ حيث استخدمت القوات الأوكرانية مسيرات بحرية، في مهاجمة سفينة الرصد والاستطلاع الروسية «إيفان خورس». والأخطر في عملية التصعيد هذه، هو التصريح الروسي، بأن المسيرات البحرية، التي جرى استخدامها هي من صنع غربي، وأن توجيهها تم بواسطة أقمار «ستارلينك» الصناعية، وأن الولايات المتحدة شاركت في تجهيز تلك المسيرات.

ومن جهة أخرى، وفي إطار عملية التصعيد الغربي ضد روسيا، أعلنت اليابان أحد الحلفاء الرئيسيين للولايات المتحدة، نهاية الأسبوع الماضي عن عزمها فرض حزمة من العقوبات الإضافية الجديدة، ضد روسيا، وأن هذه العقوبات سوف تستمر وتتصاعد، ما استمرّت العملية العسكرية الروسية الخاصة. وفي هذا السياق، أشار رئيس الوزراء الياباني، هيروكازو ماتسونو أن هذه العقوبات تأتي استجابة لاتفاق جرى مع دول السبع، في قمتهم الأخيرة التي استضافتها اليابان، تضمّنت تصعيد العقوبات بحق روسيا. وستشمل العقوبات تجميد أصول 78 مجموعة و17 فرداً، من بينهم ضباط بالجيش الروسي، وحظر التصدير إلى 80 كياناً روسياً، من ضمنها مختبرات الأبحاث التابعة للجيش الروسي، ومجمع التصنيع العلمي، ومعهد البحث العلمي التابع لأكاديمية العلوم الروسية، ومعاهد وشركات أخرى. كما ستحظر اليابان تقديم خدمات البناء والهندسة.

روسيا من جانبها، ترى أن هذه العقوبات، واستمرار الدعم الغربي، بمختلف أشكاله، لن تؤثر على العملية العسكرية الخاصة، التي تقوم بها في أوكرانيا، وكل ما ستؤدي إليه هو إطالة أمد الحرب، وأن ضررها سيكون أكبر على من يفرضونها. إن روسيا، وفقاً لتصريحات مسؤول مجلس الأمن القومي، ديمتري ميدفيديف، ستواصل عمليتها العسكرية، حتى لو استمرت عقوداً. وأن بلاده لن تتخلى عن مسؤولياتها تجاه الناطقين بالروسية في الأراضي الأوكرانية.

وتأتي تصريحات ميدفيديف، وسط حديث عن احتمال تقسيم أوكرانيا، واستعادة التجربة الكورية فيها؛ حيث تقسم إلى شطرين: شطر بالشرق موالٍ لروسيا، وآخر في الغرب موالٍ للاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة. في هذا الاتجاه، يرفض عدد من المسؤولين الروس هذا السيناريو، ويصّرون على أن الأراضي الأوكرانية، سيتم إلحاقها بروسيا، باعتبارها جزءاً من تركة الاتحاد السوفييتي، وبسبب الموروث الثقافي المشترك بين البلدين الذي تواصل لمئات السنين.

التطور الخطِر خلال هذا الأسبوع، هو تلويح الولايات المتحدة باحتمال تزويد أوكرانيا بالسلاح النووي، وهو تصريح ردت عليه روسيا بشكل فوري وعملي، بتزويد بيلاورسيا، بقاذفات وصواريخ تحمل رؤوساً نووية. وأيضاً بالتهديد على لسان عدد من مسؤوليها، وعلى رأسهم وزير الدفاع الروسي، بأنها سترد على ذلك بضربة استباقية، تستخدم فيها قنابل تكتيكية نووية. وأن روسيا لن تتردد في استخدام أسلحتها النووية في ضرب الرؤوس الحامية في القارة الأوروبية. وحول هذا الموضوع، وصف ميدفيديف الدول الأوروبية بالمجنونة، وأنها تسعى لتأجيج الوضع، وأن الغرب، إن فعل ذلك وزوّد أوكرانيا بالسلاح النووي، فإن بلاده ستقوم بضربة استباقية.

وأضاف أن ذلك يعني أن صاروخاً بشحنة ناسفة سيصل إليهم، هناك قوانين حرب لا رجوع فيها.

العالم يتجه بقوة نحو حرب عالمية ثالثة، تهدد بفناء الجنس البشري وحده. يكفي أن نشير إلى وجود مئات القواعد العسكرية الأمريكية منتشرة حول العالم، ومثلها عشرات القواعد الروسية والصينية، المنتشرة أيضاً حول العالم.

إن ما يجري من تصعيد عملي للحرب، بين روسيا والغرب، في كل الاتجاهات مؤشر خطِر على أن البشرية بأسرها تتجه نحو الهاوية. فهل ستكون يقظة ومراجعة لمخاطر هذا التصعيد، قبل أن يجرفنا الطوفان؟