آخر تحديث: 25 / 4 / 2024م - 5:14 م

لا أريد زوجي يتحكّم فيني طلب رباني أو أناني؟!

زاهر العبدالله *

مقدمة:

قال تعالى: ﴿وَ مِنْ آياتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْواجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْها وَ جَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَ رَحْمَةً إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ «21» الروم.

في الآونة الأخيرة كثر الطلاق، وتعددت أسبابه فبدأ المستشارون الأسريون يبحثون بجد عن مناشئ هذا التزايد ووضعوا جملة من الأسباب، وإذا قرأت نتائجهم تجد هناك شيئا مشتركا يولد هذا الطلاق وهو أن الزوج لم يعرف طبيعة الزوجة بشكل جيد ليعرف كيف يتعامل مع هذا الكيان بالحكمة الموعظة الحسنة والمعاشرة بالمعروف وكذلك الزوجة لم تتعرف بشكل جيد على طبيعة الزوج كي تعرف كيف تتعامل مع هذا الزوج؛ لأن المعرفة لها نتائج مهمة بين الطرفين.

وأهمها ذوبان الأنانية عند الطرفين ومعرفة معنى الشراكة الحقيقية ومبدأ التنازل عن بعض الثوابت من كلا الطرفين لينسجم الزوج والزوجة بشكل واع لمتطلبات العصر.

ولكن كل هذا له جذر إذا لم نُمكّنه من النفس لن تنفع كل الطرق العلاجية التي أبدعها الاستشاريون ما هو؟

وهو تربية الروح من الداخل وإيجاد حالة المودة والرحمة والمعاشرة بالمعروف التي أسس لها القرآن الكريم ليكون كل واحد من الزوجين رادعا إيمانيا من نفسه، فيرتفع هرمون التدين عند الطرفين، حتى يصل كلا الطرفين إلى أن يَصدق عليهما قوله تعالى:

«.. لِتَسْكُنُوا إِلَيْها..» والسكن هنا قمة الراحة والأنس بالحبيب ولكي نعزز هذه الروح نحتاج روايات أهل البيت لنكشف عن جوانب مشرقة تصقل هذه الروح الإيمانية في كلا الزوجين، ومنها على سبيل المثال:

رواية مهمة جداً لدور النساء

أخرج البيهقي عن أسماء بنت يزيد الأنصارية: أنها أتت النبي صلى الله عليه وسلم وهو بين أصحابه فقالت بأبي أنت وأمي إني وافدة النساء إليك وأعلم نفسي لك الفداء أنه ما من امرأة كائنة في شرق ولا غرب - سمعت بمخرجي هذا إلا وهي على مثل رأيي إن الله بعثك بالحق إلى الرجال والنساء فآمنا بك وبإلهك الذي أرسلك وإنا معشر النساء محصورات مقسورات قواعد بيوتكم ومقضى شهواتكم وحاملات أولادكم.

وإنكم معاشر الرجال فضلتم علينا بالجمعة والجماعات وعيادة المرضى وشهود الجنائز والحج بعد الحج وأفضل من ذلك الجهاد في سبيل الله وإن الرجل منكم إذا خرج حاجا أو معتمرا أو مرابطا حفظنا لكم أموالكم وغزلنا لكم أثوابكم وربينا لكم أموالكم فما نشارككم في الأجر يا رسول الله فالتفت النبي صلى الله عليه وسلم إلى أصحابه بوجهه كله - ثم قال هل سمعتم مقالة امرأة قط أحسن من مساءلتها في أمر دينها من هذه فقالوا يا رسول الله ما ظننا أن امرأة تهتدي إلى مثل هذا فالتفت النبي صلى الله عليه وسلم إليها ثم قال لها انصرفي أيتها المرأة وأعلمي من خلفك من النساء أن حسن تبعل إحداكن لزوجها وطلبها مرضاته واتباعها موافقته يعدل ذلك كله فأدبرت المرأة وهي تهلل وتكبر استبشارا.

انظر: تفسير الميزان للسيد الطباطبائي ج 4 ص 350.

ولنا فيها عدة وقفات في هذا المقال.

وقال : الصلاة قربان كل تقي. والحج جهاد كل ضعيف، ولكل شيء زكاة، وزكاة البدن الصيام، وجهاد المرأة حسن التبعل.

انظر: نهج البلاغة - خطب الإمام علي ج 4 ص 34.

وقال ﷺ لا تؤدي المرأة حق الله عز وجل حتى تؤدي حق زوجها.

وعن أبي جعفر قال: إن الله عز وجل كتب على الرجال الجهاد وعلى النساء الجهاد، فجهاد الرجل أن يبذل ماله ودمه حتى يقتل في سبيل الله. وجهاد المرأة أن تصبر على ما ترى من أذى زوجها وغيرته.

وعن الصادق قال: أيما امرأة قالت لزوجها: ما رأيت منك خيرا قط فقد حبط عملها.

وعنه أيما امرأة باتت وزوجها عليها ساخط في حق لم تقبل منها صلاة حتى يرضى عنها.

وعن الصادق قال: إن قوما أتوا رسول الله ﷺ فقالوا: يا رسول الله إنا رأينا أناسا يسجد بعضهم لبعض، فقال رسول الله ﷺ: لو كنت آمرا أحدا أن يسجد لأحد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها.

انظر: مكارم الأخلاق للشيخ الطبرسي ص 215.

هنا عدة وقفات ينبغي لكل حرة أبية تُقدم رضا الله سبحانه وتعالى ورضا رسوله ﷺ وعترته أهل بيته بعد قرأنا احتجاج أسماء الأنصارية وكأنها تطلب المساواة بالرجال في الفضل والثواب وكان مقصدها رضوان الله سبحانه وتعالى ونبيه وعترته .

1 - فكانت مكافأتها ومثيلاتها أن الله سبحانه أعطاها من الثواب والأجر العظيم ما يعدل كل جهاد يقوم به صحابة النبي الأعظم محمد ﷺ.

2 - حُسن التبعل ليس عبودية للزوج ولا حكرا وتزمتا للزوجة وإنما رسالة سماوية تعزز روح المودة والرحمة بين الزوجين التي نصت عليها آيات القرآن الكريم والتي منها:

﴿وَ مِنْ آياتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْواجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْها وَ جَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَ رَحْمَةً إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ «21» الروم.

3 - أخيراً إن الرباط المقدس وهو عهد الله سبحانه الذي جعل الزوجين حلالا وسكنا لبعضهما أجل من أي دعاوى مسمومة الغرض ومنها هدم الأسرة التي هي حصن المجتمع فعلينا الحذر الشديد أمام العناوين الرنانة التي تدغدغ روح الأنانية مثل قول بعضهن: لا أريد أحدا يتحكم فيني أو أبي أشوف روحي أو أبي أحقق ذاتي أو أبي أطلع أبي أسافر أبي أستمتع.

وكل ذلك متحقق في جو الأسرة الكريمة التي سيكون ثوابها الوعد الإلهي، وليس في من يهدم الأسر، ويخرب استقرارها النفسي والعاطفي والتربوي والتعليمي والأمن الروحي، فلو ضعفت الزوجة أمام هذه المغريات فسد المجتمع كاملا فالزوجة الصالحة والزوج الحكيم الحليم هما صمام أمان، وحفظ لهما وللمجتمع من حولهما.