آخر تحديث: 4 / 12 / 2024م - 11:28 ص

الثنائيات

محمد الحرز * مجلة اليمامة

الروح الجسد  الواقع الخيال  القديم الجديد  الفرد الجماعة، واعطف ما شئت فستجد أن الفكر البشري، خلال تطوره، هو الذي أنشأ هذه الثنائيات ولكنه  على الرغم من ذلك  دخل في شباكها، فانقسم إلى فرق تلعب بها رياح الأوهام؛ لأنه لم يقف متسائلا عن سبب نشوئها. خذ  مثلا  ثنائية الروح والجسد وما بني حولهما من أوهام الإجابة على أسئلة وهمية، مثل: هل الروح كيان مستقل عن الجسد؟ وهل خلقا معا أم خلق كل على حدة؟ وإذا كانت مستقلة عن الجسد فهل هي خالدة أم لا؟ وهكذا تتوالد الأسئلة والأجوبة ذات الجذور الوهمية.

«يسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي وما أوتيتم من العلم إلا قليلا» هذه الآية تؤكد أن الروح لا يعلم بها إلا الله.  وبرغم وضوح هذا  يقدم لنا أحد الفقهاء الكبار كتابا ضخما من «800 صفحة» في أحوال الروح، وكيف تلتقي وتتكلم، وكيف تعود إلى الجسد خلال استجواب الميت في قبره من الملكين. وهكذا يتابع هذا الفقيه الروح، ويراها  عيانا  كما يرى ظله. وأخاف عليك  عند ذكر اسمه  من الذهول وعدم التصديق.

قبل هذا  حين تذهب إلى المفسرين للآية  يجب عليك أن تضع يدك على كبدك وتقرأ: «اختلفوا في الروح الذي وقع السؤال عنه، فعن ابن عباس أنه جبريل، وقيل إنه ملك له صفات خارقة، وقيل هو القرآن، وقيل هو عيسى الخ

هذه ثنائية واضحة الجذر، فكيف بنا لو ذهبنا إلى ثنائية القديم والجديد! فهناك سنرى الصراع الضاري في كل جيل منذ بدء التاريخ حتى الآن وسيبقى، مادام هناك من يمشي مغمض العينين عن رؤية الجديد. أما ثنائية

الفردية والجماعية، فقد عشنا زمن «حربهما الباردة والحارة» ولكن هذا هو الأمل يلوح بيديه من الصين، فقد أعلن الحزب الحاكم هناك قرب القضاء على الفقر في الشعب الصين.

إن مأزق «إما وإما» هو النفق المظلم الذي دخل فيه الفلاسفة ولم يستطيعوا الخروج منه. وقد تخلص عصرنا من هذا المأزق، ولكن هناك مآزق كثيرة أمام الإنسان لم ولن يتخلص منها. هل تحتاج إلى ضرب الأمثلة؟ إذن قف مع الذين ينتظرون جودو.