آخر تحديث: 21 / 11 / 2024م - 3:01 م

بطولة الكأس.. وكلاسيكيات كرة اليد

أثير السادة *

من ينظر لقائمة الفرق المتأهلة لنصف نهائي الكأس، أو ما بات يعرف ببطولة كأس الأمير سلطان بن فهد لكرة اليد، لن يجد ما يمكن أن يعد مفاجأة، أو اختراقا للأسماء المألوفة في هكذا نهائيات، فحتى الأهلي الذي تراجع في السنوات الأخيرة يحضر بوصفه النادي الأكثر تتويجا بالكأس، أي أنه الطرف الأكثر حضورا وفوزا بها على مدى تاريخ البطولة، هي إذن النخبة التي ارتبطت بذاكرة اللعبة، وساهمت في توسيع دائرة إنجازاتها المحلية والعربية والدولية، وهذا يكفي لرفع مستوى الحماسة لدى المتابعين، ورفع مستوى السخونة والتحدي داخل الملعب.

ستكون المباريات من قبيل الدريبيات والكلاسيكيات التي تذكرنا بطبيعة الندية من جهة والتنافس القديم بين هذه الفرق من جهة أخرى، لكل واحدة منها طعم وذكريات، وأرقام وإحصائيات، يستند لها الجمهور في رسم توقعاتهم وتحديد سقف تطلعاتهم، سيتمنى جمهور الخليج لو يواجه الأهلي في النهائي وينتقم من الدروس القاسية التي كان يقدمها له حين كان يحتكر الكأس لثلاث عشرة مرة متتالية، وربما فضل النور مواجهة مضر في حال فاز على الأهلي والهروب من مواجهة الخليج المنتشي بانتصاره العريض في نهائي الدوري، ومثله مضر الذي لو كان الخيار بيده لفضل العبور للنهائي من بوابة الأهلي وليس الخليج، لأسباب تتعلق بالأثر النفسي الذي تتركه الهزائم الثقيلة فضلا عن المدة القصيرة التي مرت على المواجهة الأخيرة بين الفريقين.

الجدول مضغوط في هذه البطولة، وكذلك اللاعبون، الذين يحاولون الإمساك بالعصا من المنتصف، من خلال الحفاظ على مستوى الأداء، دون استهلاك كامل الطاقة، حتى لا يصل الفريق إلى المحطة الأخيرة وقد خسر الكثير من استعداده اللياقي، وحتى لا تتضاءل حظوظه في البطولة التالية وهي النخبة التي ستستنزف طاقة اللاعبين في هذا المارثون الطويل.

لا أحد يريد أن يخسر اليوم، كما أن لا أحد يريد أن يقر بالخسارة قبل خوض المباراة، الجميع متساوون في الحظوظ والفرص، وإذا كان رفع المعدل اللياقي مهم في هكذا مباريات، فإن التهيئة النفسية هي الجزء الأهم في المواجهات المصيرية، كل الخطط الفنية لا يمكن أن تترجم على الأرض إذا ما فقد الفريق للروح، وأصبح مشغولا بعناوين خارج المباراة، سيكون من الخطأ إعداد لاعبي مضر على سبيل المثال للثأر من مباراة الدوري، وتحويل المواجهة إلى إجهاد نفسي للاعبين تحت ضغط الجانب العاطفي للمباراة، ينبغي أن تكون الدافعية حاضرة من خلال الهدف الأخير وهو نيل البطولة، والتعامل مع المباراة وظروفها بواقعية ومسئولية في ذات الوقت، والثقة بالنفس بعيدا عن ضغوط النتائج السابقة.

على جميع الأندية المتأهلة لهذا اللقب الجديد أن تتحرر من الأعباء النفسية الناشئة عن المواجهات السابقة، أن ترتدي قميصا ملونا بألوان طموح جديد، بعيدا عن اللغة الانفعالية للجماهير التي كلما اشتدت المنافسة تركت سطورا من أحلامها على صفحات الانتقام والتشفي وكل مجازات لغة المعارك.. لا ينبغي التلويح بعصا الخلافات المتخيلة والحقيقية، فحدود الملعب المجازية واسعة، وعلينا أن نضيقها لنحفظ للمنافسة أبعادها الرياضية والأخلاقية.