آخر تحديث: 31 / 10 / 2024م - 8:43 ص

صرخة رنيم

نجفيه حماده

رمقت زميلاتها ودموعها تتدفق على خديها، تتمنى أن تبتلعها الأرض، تمنت أن تجد من تساندها في تلك اللحظة تحديدًا، خرجت مسرعة إلى دورة المياه القريبة من فصلها، أخذت تنظر للمرآة وتحدّث نفسها ”إلى متى وأنا ضعيفة ولا أعرف كيف أرد على هؤلاء أصحاب النفوس الشريرة؟! إلى متى وتنمرهم علي يزيد يومًا بعد يوم؟! متى سأوقفهم؟! يا الله خذ بيدي“، غسلت وجهها لتخفي دموعها وعادت لفصلها وإذا بمعلمتها قد سبقتها بدخول الفصل، طرقت الباب واعتذرت رنيم إلى معلمتها لتأخرها على الحصة، اتجهت لمقعدها فمرّت على الطالبات صاحبات النفوس القذرة وعلت على وجوههن ابتسامة النصر والسخرية.

انتهى اليوم الدراسي وهمّت للخروج وإذا بهن ينتظرنها عند باب المدرسة ليكملن السخرية والاستهزاء بها، سحبن شنطتها ورمينها على الأرض فصرخت ”كفى.. الله يأخذكن“، اغرورقت عينيها بالدموع وانتظرت قدوم والدتها لتعود إلى المنزل، وصلت أم رنيم وركبت السيارة وهي تخفي دموعها ولكن والدتها بقلب الأم العطوف أحست بها فسألتها: ”ما بكِ صغيرتي؟!“ فقالت بنبرة عالية وهي غاضبة: ”لا شيء“ فساد الصمت لبعض الوقت لتجهش رنيم بالبكاء وتقول ”ماما أنا متعبة“، أوقفت والدتها السيارة وضمتها لحضنها وقالت لها ”“ صغيرتي أخبريني ماذا حصل لعلّي أستطيع أن أساعدكِ فأنا معكِ ولكِ أميرتي"، فتحت قلبها لوالدتها وأخبرتها بما حدث.

قالت أم رنيم: ”ما رأيكِ أن أتدخل قليلاً؟ سأوقفهم عند حدودهن“ فردّت رنيم: ”كلا لا أريد أن أبدو طفلة أمامهن“ فقالت والدتها: ”اطمئني لن أجعلكِ طفلة وسأرد لكِ اعتباركِ، سترين غدًا ماذا أصنع“، فعادت إلى المنزل مرتاحة ولكنها قلقة بعض الشيء تفكر بما ستفعله والدتها.

في اليوم التالي ذهبت أم رنيم إلى المدرسة وأخبرت الإدارة بما حصل مع ابنتها رنيم من أذى واتفقت مع مديرة المدرسة على أنهما سيدّعيان بمعرفتهن بما يفعلن لرنيم كل يوم وسيستدعون أولياء أمور الطالبات لمناقشة الموضوع معهم.

حضر أولياء الأمور في اليوم التالي وتم استدعاء الطالبات والتحقيق معهن وأنكرن ذلك لكن المعلمات أصررن على رأيهن بشهادة بقية الطالبات إلى أن اعترفت واحدة منهن بذلك لتعترف البقية منهن واعتذرن لرنيم في طابور اليوم الذي يليه أمام جميع من في المدرسة، وأصبحت رنيم خطًا أحمر لا يمكن أن يتم تجاوزه، تم رد اعتبار رنيم وانتهت معاناتها فهل ستنتهي معاناة الضعفاء مثلها؟ّ

رفقًا بقلوب الطيبين فهم ليسوا ضعفاء وإنما أدبهم أرقى من الرد على سواد قلوبكم فالدنيا دائرة أيها المتنمرون، وما تفعلونه اليوم سيرد لكم ولو بعد حين، فانظروا لأنفسكم والله لا يترك دعاء المظلوم أيها الظالم.