مع من أحج؟
الحج من أركان الدين، وتركه يعد من الكبائر، وقد حثت الروايات على أهمية الحج وعدم تركه مع الاستطاعة، كما في الرواية عن الإمام الصادق ”من مات ولم يحج حجة الإسلام ما يمنعه من ذلك حاجة تجحف به أو مرض لا يطيق معه الحج أو سلطان يمنعه فليمت يهودياً أو نصرانياً“
وقد أصبحت معالم الحج من حيث الخدمات المقدمة بين حملات الحج في السنوات الأخيرة متقاربة بحيث أن الفروقات المقدمة غير متباينة المعالم، فالاعتماد في الدرجة الكبرى على أداء الشركات التي تقدم الخدمات سواء على مستوى الخيام أو الوجبات، لذا أصبح من يرغب الحج عليه أن يتعرف على أهم المميزات؛ كالتفريق بين فئات الباقات التي حددتها وزارة الحج، فبينما نجد أن أغلب شركات المنطقة تتمركز في فئتي الخيام المطورة أو باقة الضيافة.
فلكل واحدة مميزات وأسعار خاصة بها، وإن كانتا تشتركان في الخدمة العامة من سكنٍ في منى وعرفات ومزدلفة، إضافة إلى الإعاشة المقدمة، ولتفاوت الأسعار مداليل على مستوى الخدمات من حيث القرب والبعد للمخيمات عن قطار المشاعر والذي يستخدم للتنقل بين المشاعر، وكذا عن قربها من منطقة رمي الجمار، عوامل تحدد تفاوت الأسعار بالنظر إلى نوعية ومستوى الباقات.
وكون المظهر العام هو واحد فإن على الحاج أن يبحث عن أهم المقومات في الحج كونه عبادة لها أحكامها الخاصة تبعاً لاختلاف مراجع التقليد، لذا فإنه من الأولويات أن يختار في الدرجة الأولى عنصرين مهمين:
الأول المرشد الديني الذي يتمتع بالاطلاع والخبرة في الأحكام، وعلى نحو الخصوص في الأحكام المتعلقة بالحج، حتى لا يضيع جهده وماله هباءً من خلال ارتكابه بعض المخالفات، والتي قد تجعل من حجه يصبح باطلاً، وأنى له القدرة المالية في خضم ارتفاع الأسعار، والحالة التنظيمية التي لا تسمح بتكرار الحج إلا بعد خمس سنوات من أدائه.
الثاني: أن يكون معهم من قراء الأدعية المميزين، فكما تعلمون أن الحج عرفة كما تعبر الروايات، وهي أرض الاعتراف والدعاء واللجوء إلى الله، وما أحوج المؤمن إلى من يعينه على ذلك من خلال الصوت المميز، بل القدرة على تحويل الدعاء إلى نوع تفاعل، وحتى لا يعيش الغربة في يوم عرفة.
إضافة إلى الخبرات الإدارية التي تسهل بعض العقبات وتخطط لسير الأعمال في الأوقات المناسبة تخفيفاً للزحام وغيره أثناء أداء أعمال العمرة أو الحج بل حتى أثناء رمي الجمار.
هذه أهم المقومات التي على المقبل على أداء فريضة الحج وعليه أن لا ينخدع بالإعلانات والمظاهر على حساب الأساسيات التي تجعل من عمله صحيحاً في الدرجة الأولى.
وقد يتساءل البعض عن سبب هذا التفاوت الكبير في الأسعار رغم وجود اشتراك كبير في الخدمات العامة، وقد أشرت في مقال سابق قبل عامين نشر على شبكات التواصل الاجتماعي بعنوان ”لماذا المبالغة يا قوافل الحج؟“، أبنت فيه أن ذلك التفاوت راجع في الدرجة الأولى إلى سوء الإدارة والتخطيط، والتي يتحمل أعباءها الحاج.
رسالة أسطرها لإخواني الراغبين في الحج أن يتفحصوا ويتساءلوا عن أدق التفاصيل، فمما أضحكني وأنا أتصفح إحدى الإعلانات وهو لقافلة من ضمن باقة الضيافة إلا أنه وضع عبارة ”خيام ملكية في عرفات“ وآخر يقول يتوفر لدي السكن في مكة فما أن تتفحص فلن تجد إلا ليلتين قبل الموسم ثم يغادروا إلى المخيمات، وهكذا يتفنن البعض في إضافة مطاطة كسكن ليلة بعد موسم الحج في مكة بأحد الفنادق وهلم جرا.
فيا عزيزي الحاج كن ممن لا تهجم عليه اللوابس.