آخر تحديث: 23 / 4 / 2024م - 9:08 ص

ما هي متلازمة البنت الكبرى وكيف نعالجها؟

عدنان أحمد الحاجي *

6 أبريل 2023

بقلم يانغ هو، برفسور بقسم علم الاجتماع، جامعة لانكستر

المترجم: عدنان أحمد الحاجي

المقالة رقم 115 لسنة 2023

?What is “eldest daughter syndrome” and how can we fix it

Published: April 6,2023

Yang Hu، Professor، Department of Sociology، Lancaster University

البنت الكبرى غابًا ما تتحمل نصيب الأسد في الأعمال المنزلية

هل سمعت ب ”متلازمة البنت الكبرى“؟ هذه المتلازمة تعني العبء العاطفي الذي تتحمله البنت الكبرى / أكبر البنات «بل وتُشجع على تحمله» من نعومة أظفارها في العديد من العائلات. من العناية بأشقائها وشقيقاتها الأصغر سنًا والمساعدة في الأعمال المنزلية اليومية ورعاية والديها المريضين إلى ترتيب طلبات المقاضي من السوق أو استلام طلبات الإنترنت، غالبًا ما تتحمل البنت الكبرى [1]  عبئًا ثقيلًا ولكنه عبء المسؤولية المنزلية الذي لا زالت تتحمله من نعومة أظفارها.

إذن! ما المشكلة فى ذلك؟ قد تسأل، ألا يجب على الأطفال الأكبر سنًا، الذين من المفترض أن يكونوا أكثر نضجًا [من الناحية العقلية والبدنية] المساعدة والاعتناء بإخوتهم وأخواتهم الصغار؟ أليست الفتيات ”بطبيعتهن“ أفضل في تقديم هذه العناية؟ هذه الافتراضات السائدة [2]  أصبحت افتراضات راسخة لدرجة أنها أصبحت من الصعوبة بمكان بحيث لا نستطيع ادراكها كمشكلة.

لكن #متلازمة البنت الكبرى EldestDaughterSyndrome أصبحت ترندًا «اتجاهًا» من الترندات الآن على ال تيك توك TikTok، حيث تتحدث الفتيات المراهقات عن المقدار غير المنصف من العمل غير مدفوع الأجر «وغير المقدَّر» الذي يقمن به داخل منزل العائلة، فضلاً عن مناقشتهن لتبعاته السلبية على حياتهن وصحتهن ورفاهيتهن.

بالطبع، ”المتلازمة [3] “ موجودة منذ قرون في أنحاء كثيرة من العالم. فلماذا يجري الحديث عنها الآن كقضية بحد ذاتها؟

بالرغم من ارتفاع مستوى تعليم المرأة [4]  ومستواها الوظيفي [5] ، إلا أنها لا تزال تتحمل نصيب الأسد من الأعمال المنزلية [6] . في الواقع، لم يُترجم التقدم نحو المساواة بين الجنسين في مكان العمل [7]  إلى مساواة بين الجنسين فيما يخص الأعمال المنزلية. ويمكن لمتلازمة البنت الكبرى أن تقطع شوطًا في تفسير سبب ذلك.

تبين الأبحاث أن الأطفال يساهمون في العمل المنزلي بشكل ملحوظ ولكن غالبًا ما تُتجاهل هذه المشاركة ولا تُعطى اعتبارًا [8] . الفتيات ما بين الخامسة والرابعة عشرة من العمر يعكسن الفوارق الجندرية «بين الرجل والمرأة» بين الراشدات / الراشدين «20 سنة وأكبر» حيث تقضي البنات في العمل المنزلي وقتًا أكثر من 160 مليون ساعة يوميًا «بنسبة 40٪» من الفتيان [9] . تأتي البنت الكبرى بعد مرتبة الرجال في هرم السيطرة والتحمل، غالبًا ما تتحمل العبء الأكبر بين أشقائها.

كما أعرب الكثيرون على تيك توك TikTok، يمكن لمتلازمة البنت الكبرى أن تُضْعف من مستوى رفاهية البنت الكبرى و”تسرق“ طفولتها حيث تدفعها إلى تحمل قدر غير متناسب من المسؤوليات [10]  والتي من المفترض أن تناط بوالديها - المعروف أيضًا باسم تقمص دور الوالدية «دور والدها / دور آمها» [11] . وبذلك، تُستنسخ وتنتقل ممارسة عدم المساواة بين الجنسين في العمل المنزلي من جيل إلى آخر.

لماذا تحدث متلازمة البنت الكبرى؟

هناك ثلاث نظريات سلوكية على الأقل تكمن وراء متلازمة البنت الكبرى وغالبًا ما تبرز هذه النظريات الثلاث معًا، وتعزز الواحدة منها النظرتين الأخريتين.

أولاً، نظرية القدوة [12]  التي تفيد بأن البنت الكبرى غالبًا ما تقلد أمها كقدوة تحتذى بها في اكتساب ”تصرفاتها اليومية الروتينية فيما تقوم به لا من حيث كونها أنثى وانما من حيث المبنى الاجتماعي في المحيط الذي غُرس فيها وجعل جزءً لا يتجزء من روتينها اليومي الذي تقوم به حتى أصبح نوعًا من الامتثال [المترجم: ما تقدم من شرح هو لمصطلح يعرف ب“ doing gender " الذي صاغها كانديس ويست Candace West ودان زيمَّرمان and Don Zimmerman في 1987 [13] . ثانيًا، نظرية تطبيع الجنس sex - typing [ادراك الشخص لجنسه والتصرف بحسبه [14,15]] تقترح أن الوالدين غالبًا ما يكلفان بناتهما وبنيهما مهامًا مختلفة كل بحسب جنسه.

غالبًا ما تعتمد نظرية التطبيع الجنسي على فهم الوالدين للعمل المنزلي على أنه شيء أنثوي[16] . بالنسبة للوالدين اللذين يسعيان بنحو واعٍ / اراديٍ إلى غرس المساواة بين الجنسين في أطفالهما، التطبيع الجنسي [17]  يبقى قائمًا حين تنضم البنت الكبرى لاإراديا «بنحو غير واعٍ» إلى أمها في القيام بأنشطة تختص بالأنثى مثل الطهي وتنظيف المنزل والتسوق.

وثالثًا، تقترح نظرية بديل العمل [18]  أنه عندما يكون لدى الأمهات العاملات وقت محدود للقيام بالعمل المنزلي، فإن البنت الكبرى غالباً ما تعمل ك ”بديل“ لأمها وتقوم عنها بمهام المنزل. ونتيجةً لذلك، ينتهي بها الأمر باستهلاك وقت طويل في توفير الرعاية لأشقائها وشقيقاتها وفي القيام بالأعمال المنزلية. وبالتالي، فإن اقدام الأم على محاولة المساواة بين الجنسين في مكان عملها قد يكون على حساب بنتها الكبرى في تحملها للأعباء المنزلية في سن مبكرة من عمرها [19] . إلَّا أننا نتطلع إلى ما يتجاوز ذلك، فلمتلازمة البنت الكبرى تبعات بعيدة الأمد على عدم المساواة بين الجنسين على الصعيد العالمي وأزمة الرعاية العالمية القائمة [20] .

البنت الكبرى غالبًا ما ينتهي بها الأمر إلى مساعدة شقيقها في عمل الواجب المنزلي

في الفلبين، على سبيل المثال، تهاجر العديد من الأمهات إلى الولايات المتحدة والشرق الأوسط وأوروبا للعمل كخادمات في المنازل [21] . عمل الفلبينيات المهاجرات في الخارج يساعد في تحرير كفلائهن من مسؤلية عدم المساواة بين الجنسين وذلك بالاستعانة بهن في القيام بالأعمال المنزلية [22] . ولكن بالعودة إلى الفلبين، غالبًا ما يتعين على البنت الكبرى [لكل أم مهاجرة] أن تقوم بإدارة شؤون المنزل بصفتها أمًا ”بديلة“ [عن أمها].

في هذه العملية، متلازمة البنت الكبرى تستنسخ عدم المساواة بين الجنسين وتنقلها عبر الأجيال، ولذا تنتقل مشكلة هذا التفاوت من جزء من العالم إلى جزء آخر منه.

ماذا بإمكاننا أن نعمل؟

قد يبدو ”العلاج“ بسيطًا - نحن بحاجة إلى أن تدرك العائلات العبء غير المنصف الذي ربما قد حُملت إياه البنت الكبرى وإعادة توزيع المسؤوليات المنزلية بشكل متساوٍ.

ومع ذلك، فإن توزيع المسؤوليات المنزلية بشكل متساوٍ ليس بالأمر السهل. ويحتاج إلى أن يقوم أفراد الأسرة من الذكور على وجه الخصوص بتكثيف مساهمتهم في العمل المنزلي. في المقابل، يتطلب الأمر منا ”التراجع“ عن قرون من التفكير في الأعمال المنزلية والرعاية كأمور لها علاقة بالجندر و”بالأنثى على وجه الخصوص“.

ولتحقيق ذلك، نحتاج أولاً إلى التعرف على مشكلة العمل المنزلي، ولا سيما العمل الذي يقوم به الأطفال واكبر البنات، والذي لا يُلاحظ ولذلك لا يؤخذ في الاعتبار إلى حد كبير ولا يكون مدفوع الأجر ولا يُقيَّم بالقيمة الذي يستحقه [23] .

لكن لا يمكننا أن نغير شيئًا لا نتمكن من ملاحظته. كوننا أكثر وعياً بمتلازمة البنت الكبرى على أنها ليست فقط معاناة تختص بفرد بذاته بل أيضًا باعتبارها مسألة من مسائل عدم المساواة بين الجنسين، تعتبر بداية جيدة.

مصادر من داخل وخارج النص

[1] https://www.cambridge.org/core/journals/work-employment-and-society/article/abs/household-division-of-labour-generation-gender-age-birth-order-and-sibling-composition/C8915E3CE7CA1BDECA34D25AAC0C71D4

[2]  https://www.elgaronline.com/display/edcoll/9781788975537/9781788975537,00033.xml

[3] https://uk.news.yahoo.com/eldest-daughter-syndrome-tiktok-trend-093323841.html?guccounter=1

[4]  https://www.annualreviews.org/doi/abs/10,1146/annurev-soc-073117-041215

[5] https://onlinelibrary.wiley.com/doi/abs/10,1111/jftr.12248?casa_token=SbEGSkHlhYQAAAAA: gO7Afzv3nFIe2QHW4kwYlb3hcEvAs31SRbLwbhviKNQgkmFD8nV-yGovkwTiOOaLFgMjy9LGcUnmr94

[6] https://onlinelibrary.wiley.com/doi/abs/10,1111/jftr.12248?casa_token=STyBuPSvBKkAAAAA: Ov9x4WfFu4XW21hHDd_8pfFn_0mlOPE-SIu8DcLqFCUQnpa1NwJ-EUK3q44wpChTJT5ulFFHX_1OPDo

[7]  https://onlinelibrary.wiley.com/doi/abs/10,1111/jomf.12590

[8]  https://link.springer.com/article/10,1007/s11150-013-9234-5

[9]  https://www.unicef.org/turkiye/en/node/2311#: %7E: text=The%20data%20show%20that%20the، chores%20than%20boys%20their%20age.

[10]  https://www.tandfonline.com/doi/abs/10,1080/21620555,2018.1430508?journalCode=mcsa20

[11]  ”عملية عكس الأدوار حيث يكون الطفل مُلزمًا بالتصرف كوالد تجاه والديه أو أشقائه [parentification]. في الحالات القصوى، يستخدم الطفل لملء فراغ حياة الوالدين العاطفية. حُدد نوعان متميزان من الوالدية من الناحية الفنية: الوالدية الأساسية والوالدية العاطفية. تتضمن الوالدية الأساسية إنجاز الطفل أداء المهام البدنية للعائلة، مثل رعاية قريب مريض، أو دفع الفواتير، أو تقديم المساعدة إلى الأشقاء الأصغر سنًا والتي يتم توفيرها عادة من قِبل أحد الوالدين. تحدث الوالدية العاطفية عندما يتوجب على الطفل أو المراهق تولي دور أحد المقربين أو الوسيط «أو بين» الوالدين أو أفراد الأسرة.“ مقتبس من نص ورد على هذا العنوان:

https://ar.wikipedia.org/wiki/الوالدية_ «تقمص_السلطة_الأبوية»

[12] https://onlinelibrary.wiley.com/doi/abs/10,1111/jomf.12225?deniedAccessCustomisedMessage=&userIsAuthenticated=false

[13]  https://gender.fandom.com/wiki/Doing_Gender

[14] https://onlinelibrary.wiley.com/doi/abs/10,1111/jomf.12225?deniedAccessCustomisedMessage=&userIsAuthenticated=false

[15]  https://journals.sagepub.com/doi/pdf/10,1177/0044118X92024002004

[16]  https://www.theguardian.com/lifeandstyle/2022/sep/20/parentified-child-behave-like-adult

[17] https://onlinelibrary.wiley.com/doi/abs/10,1111/1467-9507,00225?casa_token=PMbEnckrqtoAAAAA:NuCMXJNrsW2-DwY5kYhrlaQ7tzgLlXml3rBtnZnGR7zTjhR1Vx8gnKdz1-uUnsJ6ZTksuFxhYbJo834

[18]  ”التطبيع الجنسي sex - typing هي العملية التي بها يصبح الطفل مدركًا لجنسه وبالتالي يتصرف وفقًا لذلك من خلال تبني القيم وسمات أفراد الجنس الذي يعتبره خاصًا به. وتعد هذه العملية في غاية الأهمية لتنمية الطفل اجتماعيًا وشخصيًا لأنه يؤثر إلى حد كبير في فهم الطفل للسلوك الاجتماعي المتوقع ويؤثر في الأحكام الاجتماعية.“ مقتبس من نص ورد على هذا العنوان:

https://ar.wikipedia.org/wiki/تطبيع_جنسي

[19]  https://www.tandfonline.com/doi/abs/10,1080/21620555,2018.1430508?journalCode=mcsa20

[20]  https://www.compas.ox.ac.uk/2018/a-global-crisis-in-care/

[21] https://www.sciencedirect.com/science/article/abs/pii/S0049089X04001073?casa_token=7-yGCGodnf4AAAAA: pz_LKJKsAWAgnNIZoqNuHHjRM6fpwgmli69FdBQrAibGqnyN7GtIZj9ae_KKP9M_OvrmJjM48Q

[22] https://onlinelibrary.wiley.com/doi/abs/10,1111/jomf.12321?casa_token=jYXuxbZK_H8AAAAA: kJYVkwu5HRiCyfiAqzMDeeildvh9C3_vCgEgQCdLqHPVwcCB_y4qXBlMV_bezq8F2XG2h3VqnzXYFJ4

[23]  https://journals.sagepub.com/doi/pdf/10,1177/1043463193005003003

المصدر الرئيس

https://theconversation.com/what-is-eldest-daughter-syndrome-and-how-can-we-fix-it-202016