آخر تحديث: 21 / 11 / 2024م - 1:42 م

سعادة بيت الأحلام

عباس سالم

يبدو أن حاجة بعض الناس للبناء وتملك العقار ربما جعلتهم يهرولون للاقتراض من البنوك لتغطية قيمة شراء الأرض لبناء بيت الأحلام، لكن الاقتراض البنكي اليوم يصطدم بالارتفاع الصارخ لأسعار الأراضي، حيث أن المبلغ المقترض من البنك قد لا يغطي كامل قيمة الأرض الباهظة الثمن!

إرتفاع أسعار الأراضي الصارخ داخل المدن أصبح اليوم هو الحديث الشاغل في بعض المجالس والديوانيات، بعد أن أخذ منحناً كبيرًا في الارتفاع، وصارا الاقتراض من البنوك لتملك العقار أمرًا واقعًا عند بعض متوسطي الدخل الذين ليس لديهم سوى دخل شهري ثابت، وربما من دونه لن يستطيعوا شراء قطعة أرض لبناء منزل

من أهم أسباب ارتفاع الأراضي اليوم هو: التطوير المجزأ للمساحة في بعض المخططات الكبيرة بدلًا من التطوير الكامل الذي يقوم به بعض المطورين العقاريين، حيث تعرض الأراضي بالتقسيط والهدف من ذلك رفع أسعارها وبيعها للناس لجني المزيد من الأرباح، وكذلك بيع وشراء مخططات الأراضي الكبيرة بأسعار صارخه في مزادات لا يستطيع الدخول إليها والشراء منها إلا من يملك المال أو عن طريق تكوين تحالفات بين مجموعات من يملكون المال للحصول على جزء من الكعكة فهنا تغييب قاعدة العرض والطلب في علم الاقتصاد.

هناك الكثير من المخططات الكبيرة يتم شراؤها من قبل المستثمرين العقاريين، الذين يعملون على تطويرها وتقسيمها إلى قطع أراضي خام منها السكني والتجاري وهنا أتساءل: لماذا لا يتم التحالف مع الشركات الكبيرة المتخصصة في بناء الوحدات السكنية الجاهزة ”بريكاست“؟ والهدف من ذلك هو بناء وحدات سكنية جاهزة منظمة هندسيًا تلبي حاجة الناس لبيعها عليهم سواء بتمويل من البنك أو نقدًا لمن يملك المبلغ المطلوب، وبهذه الطريقة ربما يكون من يريد البناء في مأمن من غش بعض مقاولي البناء الذي تمارسه مختلف العمالة الأجنبية التي تعمل في بناء المنازل.

خيار تملك العقار في المخططات البعيدة والواقعة في أطراف المدن، أصبح اليوم خيارًا مطروحًا عند بعض الأسر كَحَلْ مناسب للتملك مع حمى ارتفاع أسعار الأراضي داخل المدن، وجنون الأسعار الحالية للأراضي أسهم في مصيدة تورط الكثير من الناس بالقروض البنكية، ومن ثم تبديد حلم البعض لبناء بيت الأحلام في ظل ارتفاع نسبة الفائدة للبنوك العالمية الذي أثر على رفعها في البنوك المحلية، وذلك الحلم أصبح مجرد حلم عابر في أذهانهم.

ختامًا: إن تجزئة تطوير المخططات الكبيرة بدلًا من التطوير الكامل أسهمت في رفع الأسعار، ولهذا ستظل قيمة سعر متر الأرض فوق القدرة الاقتصادية لللعض، كما إن سعر الأرض السكنية الصارخ يشكل اليوم النسبة الأكبر من تكلفة البناء والمغامرة في بناء بيت الأحلام جعل الكثير من الأسر تعيش في دوامة تسديد القروض البنكية التي لا ترحم لـ 25 عام وربما أكثر، فأين الخلل؟.