آخر تحديث: 19 / 4 / 2024م - 5:35 م

أقنعة ووجوه

المهندس أمير الصالح *

في حفلات الهالوين يلبس كل الضيوف أقنعة تخفي معالم وجوههم الحقيقية. في عالم الواقع، قد تمر على بعض البشر عدة أحداث صادمة نتيجة لمعاينة حقيقة واقع غير مطابق البتة لما تم إخبارهم به أو تضليلهم به؛ بسبب الأقنعة التي ارتداها آخرون. البعض من تلكم الكذبات الصادمة تكون محبطة للإنسان، وتهز بعض القناعات لديه وتغير من مرتكزات معايير بعض القيم أن ربطها بأشخاص. كمن يُشخص شخص ما بأنه زاهد بناء على ادعائه بذلك أمام الناس إلا أنه تتكشف مع الأيام أن المدعي يمتلك ملايين الدولارات، ويستثمر في عدة دول، وفي عدة قطاعات وهو أكثر الناس حبا للدنيا وسعيا لجمع حطامها دون الاعتناء بمشروعية الوسيلة موردا ومصرفا واستثمارا. أو كمن يدعي النزاهة والأمانة لتكتشف لاحقا بأنه لص وموغل في اللصوصية، وعلى مدى عقود من الزمن يمارس ذلك. ويده ملوثة بكل أصناف الحرمنة والتدليس والتزوير حتى الثمالة.

فلو سألنا من حولنا سؤال مباشر: ما هو أكبر قناع صادم عاشه في حياته؟ طبيعيا سيكون الجواب يختلف باختلاف التجارب لكل منا. وكلما كانت للإنسان تجارب عديدة ومتنوعة، وفي مواقع جغرافية عديدة، واختلاط مع مجتمعات شرقية وغربية من حول العالم، كلما كانت الأجوبة مختلفة وأكثر عمقا.

فقد تكون الإجابة للبعض إن أكبر قناع صادم عاشه هو:

ادعاء العدل البشري

ادعاء الديمقراطية

ادعاء عدم انحياز المجتمع الدولي

ادعاء نقاء الضمير الإنساني لأصحاب المصالح

ادعاء عدم التلاعب في الكشوفات المالية المُعلنة للشركات المتداولة في سوق الأسهم

ادعاء الشفافية في سوق الأسهم العالمية

ادعاء وجود التنافس الشريف في سلع محصورة الوكلاء

ادعاء الأسعار العادلة للسلع في ظل احتكار الشركات

ادعاء الصداقة الطاهرة بين الشاب والفتاة في ظل أجواء فاسدة

ادعاء صيانة الحقوق للإنسان في كل أرجاء المعمورة

ادعاء المساواة بين الجميع دون أي اعتبار للعرق والجنسية والدين

ادعاء نزاهة شركات التأمين والبنوك

ادعاء أن هناك شخص آخر «مؤسسة/ شركة» يهتم بك أكثر من اهتمامك بنفسك.

وقد تكون هناك قائمة أخرى من الادعاءات الصادمة والأقنعة المزيفة. إلا أن المهم جدا أن تكون لدى الإنسان ركائز وقيم ثابتة تجعله يستوعب حقائق الأقنعة ويمتص الكذبات الصادمة، ويتجاوزها ويتفوق علو إحباطاتها. وأن لا يخلط الإنسان بين القيم السامية، ومن يدعيها من الأشخاص لنفسه. على سبيل المثال، الإنسان الواعي يجب أن يميز بين مفهوم الصدق ومن يدعي الصدق. لأن الخلط بين المفهوم ومدعي المفهوم تجعل ردود الفعل لدى بعض الضحايا ردود فعل عنيفة لأصل المفهوم، وقد ينقلب الضحية على المفهوم ذاته، ويتنكر له ويجحده ويكفر به. والواقع أن الدنيا مليئة بملوثات عديدة سواء ملوثات أخلاقية أو بصرية أو سمعية أو سلوكية. والشخص الواعي فكرا يبني ملكة تمييز بين الغث والسمين لكل ما يراه ويسمعه ليتمكن من بلوغ أهدافه وتجنب الوقوع في الفخاخ. ولعل من أهم ركائز الوعي لدى الإنسان الفطن هو ذكاؤه في كشف الأقنعة للأشخاص والمؤسسات والشركات وغيرها في أسرع وقت وحفظ نفسه وكرامته ودينه وإنسانيته من الوقوع في فخاخ الأقنعة الكاذبة. وأخلاقيا عليه واجب التنبيه لمن يعزون عليه من أهل السوء والأقنعة السيئين.

ملحوظة:

يجب قراءة كل مجتمع من خلال ما يدور في الأروقة والمجالس ودور العبادة والأسواق والإعلام وتذكر التالي:

1 - في المجتمعات المتعلقة بالصدق بحمد الله تكون الأقنعة شبه منعدمة

2 - وفي المجتمعات التي يعيش أفرادها ازدواجية المعايير وحب الدنيا المتيم تكثر فيها الأقنعة