آخر تحديث: 23 / 11 / 2024م - 4:07 م

سايلنت

زكي بن علوي الشاعر

كل عام، وأنتم بخير...

تعلمت شيئًا من الإنجليزية، وهجوتها وهجوت ذويها، وأنا أدرسها في المرحلة المتوسطة؛ لأنها قد تفسد سليقتي، وتمسخ فطرتي، وتنسخ عروبتي وعربيتي... وهجاها وهجا أهلها ابن عمي وصديقي: سماحة الشيخ عبد الله الحمالي، وكان مما قاله متأثرًا بتحريضي وإشعالي الحرب علىٰ كل ما يؤثر على «لغتنا العربية الفصحى» التي كان يقول فيها سماحة الشيخ عبد الرسول البيابي: اللغة العربية الفصحىٰ عزيزة علينا، ونأمل في إرجاعها...:

تبًّا لأنجاسٍ «أراجسةٍ»

فرضوا علينا منطق البقرِ

... ومرت الأيام - كما قالت أم كلثوم - وأتقن الشيخ عبد الله الحمالي اللغة الفارسية، ودرس الفقه وأصوله وغيرهما، بالعربية والفارسية، وبقيت وحدي أمني النفس أن أتقن غير لغة؛ ولٰكن الله - تبارك وتعالىٰ - يخص برحمته من يشاء!!

أقول اليوم: لِمَ لا أكون وأحسب في عداد المثقفين الذين يعرفون السيكولوجيا والتكنولوجيا والبيولوجيا والدرب اؐست...؟!

لِمَ لا أستنصر كوكلًا فينصرني؟!

لِمَ لا أسرق جهد غيري وأرتقي أكتافهم فأغدو العالم النحرير الذي لا يشق له غبار ولا يلحق به من يحمي الديار؟!

من هنا، رسمت هٰذا العنوان؛ ليقرأ لي المثقفون المنيرون المستنيرون الذين يعجبهم أن أهجر «مياس» وأنساها، وأرحل حتىٰ أقطن بلجيكا، وأعمل أستاذًا في أوكسفورد... هٰكذا ينبغي أن أكون، وإنا لله وإنا إليه راجعون!

قال امرؤ القيس:

تلعَّب باعثٌ بذمة خالدٍ... البيت!

فقال الأستاذ حسن جليح: إن هٰذا الشطر منهدم، وصدق الأستاذ؛ إذ إن من يقرأ للمحققين يعلم بما يخل بالموازين.. ولٰكن البيت يقرأ هٰكذا:

تلعَّب باعيثٌ بذمة خالدٍ...

وهٰذا ما يعرف ب «مطل الحركة/إشباع الحركة»، وله شواهد كثيرة نثرًا وشعرًا.. ومن حقق ديوان امرئ القيس لم يشر إلىٰ ذٰلك! ولعل لبعض «المحققين» أن يستشهد بهٰذا البيت علىٰ أن الشعر مر بمراحل، حتىٰ وُصِلَ به إلى المستوى الذي بلغناه من البحور والأوزان.

ولا تنس «الباحثين الكبار» الذين نراهم ونسمعهم... نسمع أن اللغة العربية آرامية و...؛ ولٰكن محقق الديوان لم يكتب «باعيث»؛ لئلا يُعْلَمَ أن اللغة العربية لغة ملفقة درج بها أصحابها، إلىٰ أن جاءوا بهٰذا الدين الذي ليس من عند الله، وزعموا عصبيةً أنه من عند الله؛ لعقد وأمراض نفسية.. إذ لم يبعث فيهم رسول أو نبي!!

ولا بأس أن يكتب «باعث»، ويقرأ «باعيث»، وهٰذا من باب ما يفهمه القارئ القديم الأصيل: مما يقابل «السايلنت».. فافهم واغتنم، كما يردد خلفاء الأنصاري والخراساني في القطيف المحروسة وجزرها المأنوسة.

وكل عام، وأنتم بخير...