نقد العقل.. مقاربة بين الجابري وأركون
برز في المجال الفكري العربي المعاصر مشروعان فكريان مهمان لهما علاقة بقضية نقد العقل في النطاقين العربي والإسلامي، وكانا متقاربين من ناحية الزمن، ومتمايزين من ناحية الرؤية، ومتباعدين من ناحية التفاعل والاتصال. المشروع الأول ينتسب إلى المفكر المغربي الدكتور محمد عابد الجابري «1936 - 2010م»، متحددا بتسمية: «نقد العقل العربي»، والمشروع الثاني ينتسب إلى المفكر الجزائري الدكتور محمد أركون «1928 - 2010م»، متحددا بتسمية: «نقد العقل الإسلامي».
شيد الجابري مشروعه النقدي مستغرقا منه ما يقارب عقدين من الزمن ممتدين بين مطلع ثمانينات القرن العشرين إلى مطلع القرن الحادي والعشرين، متحددين ما بين «1982 - 2001م»، منجزا عملا كبيرا متكونا من أربعة أجزاء، اثنان منهما يتعلقان بالعقل النظري، هما: «تكوين العقل العربي» الصادر سنة 1982م، و«بنية العقل العربي»، الصادر سنة سنة 1986م، واثنان منهما يتعلقان بالعقل العملي، هما: «العقل السياسي العربي.. محدداته وتجلياته» الصادر سنة 1990م، و«العقل الأخلاقي العربي.. دراسة تحليلية نقدية لنظم القيم في الثقافة العربية» الصادر سنة 2001م، مضيفا لهم عملا تمهيديا تمثل في كتاب: «الخطاب العربي المعاصر.. دراسة تحليلية نقدية» الصادر سنة 1982م.
وقد لاحظت أن ما ختم به الجابري في السطر الأخير من كتابه التمهيدي «الخطاب العربي المعاصر»، ومثَّل له علامة النهاية، جاء متصلا بما افتتح به في السطر الأول من كتابه التكوين، ومثَّل له علامة البداية. فقد اختتم الجابري كتاب التمهيد في السطر الأخير قائلا: «إن الحاجة تدعو اليوم أكثر من أي وقت مضى إلى تدشين عصر تدوين جديد، تكون نقطة البداية فيه نقد السلاح، نقد العقل العربي»، داعيا إلى نقد السلاح قبل سلاح النقد، قاصدا بذلك نقد العقل، معتبرا أن هذه هي نقطة الضعف الأساسية والخطيرة في مشروع النهضة العربية الحديثة.
من هذه العلاقة بين نقد العقل والنهضة، افتتح الجابري كتابه: «تكوين العقل العربي»، كاشفا عنها في السطر الأول من مقدمة الكتاب قائلا: «إن نقد العقل جزء أساسي وأولي من كل مشروع للنهضة، ولكن نهضتنا العربية جرت فيها الأمور على غير هذا المجرى». مقدرا أن هذا يعد من أهم عوامل تعثر النهضة المستمر إلى الآن، متسائلا: هل يمكن بناء نهضة بعقل غير ناهض!
بهذه العلاقة التي سارع الجابري ولم يتوان في الإفصاح عنها، يكون قد حدد الرؤية الكلية لمشروعه النقدي، ورسم استراتيجيته على المدى البعيد، مقدما نظرية في العلاقة بين النهضة ونقد العقل، متفارقا بهذه النظرية عن المفكرين الآخرين ونظرياتهم في هذين الشأنين شأن النهضة، وشأن نقد العقل، كاشفا عن هاجسه النهضوي، متطلعا لقيام نهضة عربية حديثة تتخذ من نقد العقل نقطة بداية.
وما يعنيه الجابري من العقل العربي هو العقل الذي تكوَّن داخل الثقافة العربية، وعمل في الوقت نفسه على إنتاجها وإعادة إنتاجها، مفارقا من هذه الجهة ومستعينا بالتمييز الذي وضعه المفكر الفرنسي أندريه لالاند «1876 - 1963م» بين العقل المكوِّن أو الفاعل، والعقل المكوَّن أو السائد، مبينا استنادا إلى هذا التمييز ما يقصده بالعقل العربي ويعني به جملة المبادئ والقواعد التي تقدمها الثقافة العربية للمنتمين إليها كأساس لاكتساب المعرفة أو تفرضها عليهم كنظام معرفي، مفضلا التعامل مع الثقافة العالِمة، تاركا ما يسميه الثقافة الشعبية بما تشتمل من قصص وأمثال وخرافات وأساطير وغيرها، مصورا أنه صاحب مشروع نقدي موضوعه العقل، معلنا انحيازه لقضية العقلانية.
وبشأن بنية المشروع ومكوناته، فقد قسمه الجابري في أول الأمر إلى جزأين، مقدرا أنهما منفصلان ولكن متكاملان، جزء يتناول تكوين العقل العربي ويهمين فيه التحليل التكويني، وجزء يتناول بنية العقل العربي ويسود فيه التحليل البنيوي. ثم تطور المشروع وأضاف إليه جزآن آخران، جزء تناول العقل السياسي العربي محدداته وتجلياته، وجزء تناول العقل الأخلاقي العربي باحثا في حفريات نظم القيم في الثقافة العربية.
أما أركون فقد سجل سيرته مع مشروعه في نقد العقل الإسلامي، مبينا أن بدايات التفكير فيه جاءت انطلاقا من درس في أصول الدين وأصول الفقه في جامعة السوربون الفرنسية التي تخرج منها ثم درَّس فيها، معتبرا أن في هذين العلمين المترابطين بأوثق الصلات تبرز صورة العقل الإسلامي متجلية في العمليات العقلية المسخرة لخدمة الوحي، ومحددا أول محاولة له لتحديد مفهوم العقل الإسلامي جاءت مؤرخة في سنة 1979م، ونشرت سنة 1981م في المجلد الثامن عشر من الدليل السنوي لشمال إفريقيا، ثم تناوله من جديد سنة 1984، في كتابه: «نقد العقل الإسلامي»، الذي عرف في ترجمته العربية بعنوان: «تاريخية الفكر العربي الإسلامي»، ورجع له مرة أخرى في سياق ندوة فلسفية نشرت أعمالها في المغرب سنة 1997م بعنوان: «العقل ومسألة الحدود». وقد بقي مسكونا بهذا الهاجس النقدي حاضرا ومتجليا في أحاديثه وتأليفاته الشفهية والكتابية.
أراد أركون من نقد العقل الإسلامي إحياء الاجتهاد في الفكر الإسلامي المعاصر الذي اندفع في حركات تاريخية جديدة لم يشهدها في عصور اجتهاده الأول، مقدرا أن لكل مرحلة من المراحل التاريخية صعوباتها ومشاكلها وما يلائم ذلك من مناهج ومواقف فكرية، ساعيا إلى إدخال نوع من البحث الحي الذي يفكر ويتأمل بمشاكل الأمس واليوم، من أجل توحيد ساحة المعاني المتشظية والمبعثرة، أو من أجل مواجهة الآثار المدمرة للأيديولوجات الرسمية، أو من أجل تلبية حاجات الفكر الإسلامي المعاصر وسد نواقصه بعدما وجد نفسه مضطرا لمواجهة الحداثة المادية والعقلية، مركزا على تاريخية العقل، قاصدا الطابع المتغير والمتحول للعقل، ومن ثم الطابع المتغير للعقلانية المنتجة عن طريق هذا العقل، مصورا أن العقل الإسلامي ليس شيئا مطلقا أو مجردا يقبع خارج الزمان والمكان، وإنما هو شيء مرتبط بحيثيات وظروف محددة.
أمام هذين المشروعين النقديين فحصا وتبصرا يمكن تسجيل الموازنات والمفارقات الآتية:
أولا: من ناحية التسمية والإطار، اختار الجابري قاصدا تسمية «العقل العربي» متنبها لهذه التسمية ومتفاضلا بها، متجنبا تسمية العقل الإسلامي، واختار أركون قاصدا تسمية «العقل الإسلامي» متنبها لهذه التسمية ومتفاضلا بها، متجنبا تسمية العقل العربي. فهما متفارقان من هذه الناحية ومتفردان بتسميتين متصلتين من جهة العقل ومتفاصلتين من جهة الوصف، لكل واحد منهما تحليلاته وخلفياته الفكرية والتاريخية والمنهجية المتعددة والمتغايرة.
تجنب الجابري استعمال تسمية العقل الإسلامي مدفوعا بتأثير عاملين، الأول تجنبا للالتباس الناشئ في ذهن الإنسان المسلم من ارتباط لفظ «إسلامي» بالدين الإسلامي، ولم يكن هادفا البحث عن العقل الديني الإسلامي، نافيا الحاجة إلى النقد اللاهوتي، مفضلا التحرك في الميدان الإبستيمولوجي ومبتعدا عن الميدان اللاهوتي.
العامل الثاني تجنبا للوقوع تحت هيمنة الفهم الاستشراقي الذي استعمل لفظ «إسلامي» في سياق الحديث عن الإسلام كحضارة، بقصد إعطاء الحضارة الإسلامية صفة الآخر في مقابل الحضارة الأوروبية، مقدرا أن الذين لاحظوا عليه تجنب عبارة العقل الإسلامي هم واقعون تحت تأثير هذا الفهم الاستشراقي للإسلام.
بهذا التصور يكون الجابري، وكأنه أراد أن يضع فيصل التفرقة بين مشروعه ومشروع أركون، كما لو أن أركون هو المخاطب بهذا الكلام، أو أنه أراد توجيه كلامه إلى أولئك الذين حاولوا مقارنة مشروعه بمشروع أركون، أو أنه أراد قطع الطريق مستبقا احتمالية وضع مشروعه في ميزان المقارنة مع مشروع غريمه أركون ومعاصره، خصوصا مع الالتفات إلى جانب التجاور الزمني بين المشروعين بما يتيح إمكانية المقارنة بينهما والمقاربة والموازنة.
بخلاف هذا التصور تمسك أركون بتسمية «العقل الإسلامي»، متشددا في تمسكه بلفظ «الإسلامي»، متجها في خطابه بطريقة مزدوجة إلى السياقات والمجتمعات الإسلامية، مركزا نقده على الأبعاد الدينية في العقل الإسلامي كونها تتصل بالأصول والمرجعية والسيادة العليا. ومتجها إلى السياقات الغربية ملتفتا بصورة خاصة إلى طبقة المستشرقين الذين كان على احتكاك متواصل وتجادل مع أشخاصهم ومعارفهم، مركزا نقده على منهجياتهم الوصفية والكلاسيكية في دراسة المجتمعات الإسلامية، متفارقا عنهم وداعيا إلى الانتقال نحو ما يسميه الإسلاميات التطبيقية.
ثانيا: من ناحية الاتساق والانتظام، نلمس من هذه الناحية فروقات واضحة بين المشروعين، وقد وجدت أن الجابري أحرز تفوقا بشكل لا يقارن ومشروع أركون، متمكن بمهارة عالية هندسة مشروعه على ضخامته الكمية وتعدد حلقاته، فقد جاء متسما بالاتساق والانتظام، متتبعا خطواته بعناية، مقدما عملا معماريا متقنا، ظهرت هذه الملامح متجلية في كل جزء على حدة، وفي اتصال هذه الأجزاء وترابطها، جامعا بين العقل النظري والعقل العملي.
أما مشروع أركون فلا نلمس فيه هذا الاتساق والانتظام الهندسي والبنائي، وقد وجدت أن حديثه عن نقد العقل الإسلامي جاء مشتتا ومتناثرا، موزعا بين تأليفاته وأحاديثه وحوارته، مقدما كلاما كثيرا، رأيت فيه قدرا من الضبابية والغموض والإرباك، لا نلمس فيه تتابعا واضحا، ولا تعاقبا متسقا، ولا تراكما بينا، فلم يقدم تحديدات واضحة وثابتة لمفهوم نقد العقل الإسلامي، ولم يضع سياقا ممنهجا يكون من السهولة فهم هذا المفهوم والتعرف إليه والتعامل معه.
من جانب آخر، نلحظ في مشروع أركون من الاتساع التاريخي والزمني الذي لا ضبط له ولا حصر، ويفوق طاقته واستطاعته، فقد دعا إلى إعادة تقييم نقدي شامل لكل الموروث الإسلامي منذ ظهور القرآن وحتى اليوم، ومصوبا نظره كذلك نحو المجال الفكري الغربي داعيا بطريقة مزدوجة إلى تفكيك المناخين الفكريين الإسلامي والغربي، مصورا أن مشروعه في نقد العقل الإسلامي «يهدف إلى تفكيك مناخين من الفكر... فليس المناخ الفكري العربي الإسلامي هو وحده المستهدف بالنقد أو التفكيك، وإنما المناخ الفكري الغربي أيضا» مسلطا أضواء المنهجية النقدية التفكيكية على الممارسة التاريخية التي حصلت في الجهة العربية الإسلامية، كما في الجهة الأوروبية، المسيحية أولا، ثم العلمانية ثانيا، شاملا بالنقد كل المسار التاريخي وليس جزءا منه فقط.
ثالثا: من ناحية المنهج والتحليل، فهناك تفارق من هذه الناحية بين الجابري الذي غلب على مشروعه منهج التحليل البنيوي النظمي، وبين أركون الذي غلب على مشروعه منهج التحليل التفكيكي المتشظي. اختار الجابري منهج التحليل البنيوي قاصدا له، وراغبا فيه، ومنسجما معه، مستندا إليه في تشييد مشروعه، وملتزما به في حفريات هذا المشروع، ومرتكزا عليه في انتظامه واتساقه، مقدما عملا متفوقا في تطبيقات المنهج البنيوي، وهكذا صنع أركون مقدما عملا متفوقا في تطبيقات المنهج التفكيكي.
استفاد الجابري من المنهج البنيوي وساعده في إظهار مشروعه متسما بالاتساق والانتظام، لكنه وبتأثير هذا المنهج قد قيد نفسه بمقولات ونماذج هي أشبه بقوالب فكرية جامدة وساكنة وأحيانا مخادعة، ضيقت تحليلاته، وقيدت تفسيراته، ووجهت تنظيراته، ظهر ذلك واضحا في المقولات الثلاث التي استند إليها الجابري في تحليل مكونات العقل العربي ورصد نشاط بنيته مشخصة في الثقافة العربية منذ بداية تشكلها كثقافة عَالِمة في عصر التدوين والترجمة المنبثق في العصر العباسي الأول، متحددة هذه المقولات الثلاث في: «البيان والعرفان والبرهان»، متعاملا معها بوصفها نظما معرفية متمايزة ومتصادمة في الثقافة العربية.
ونلحظ ذلك أيضا في المقولات الثلاث التي استند إليها الجابري في دراسة وتحليل العقل السياسي العربي، متحددة في مقولات: «العقيدة والقبيلة والغنيمة»، وهكذا في دراسة وتحليل العقل الأخلاقي العربي، مستندا إلى خمس مقولات هي: «الطاعة والسعادة والفناء والمروءة والمصلحة».
في المقابل استفاد أركون من المنهج التفكيكي الذي ساعده في إظهار مشروعه متسما بالحفر والتنقيب والتوغل والتكثيف النقدي. ويعد من هذه الناحية أكثر تحررا من الجابري لأنه لم يقيد نفسه بذلك النمط من القوالب الفكرية الجامدة.
مع ذلك فإن الجابري الذي استعان بالمنهج البنيوي واستفاد منه، فإن أبرز الملاحظات المسجلة عليه جاءت بسبب هذا المنهج، وهكذا الحال مع أركون فإن أبرز الملاحظات المسجلة عليه جاءت بسبب منهجه التفكيكي.
رابعا: من ناحية النموذج والتمثل، فقد تشابه الجابري من هذه الناحية مع أركون وتفارق معه أيضا، فالجابري بمشروعه النقدي ظهر كما لو أنه يريد أن يتمثل في عصره وفي مجاله العربي موقعية الفيلسوف الألماني الشهير إيمانويل كانت «1724 - 1804م» الذي أقام مشروعه الفلسفي على أساس العلاقة بين العقل والنقد، متخذا من العقل موضوعا ومن النقد أداة، مدشنا عصرا نقديا في المجال الغربي الحديث، مقدما نفسه بصفته فيلسوف العقلانية النقدية، مرتكزا على مؤلفاته النقدية الثلاثة، وهي: «نقد العقل الخالص» و«نقد العقل العملي» و«نقد ملكة الحكم والتمييز».
وليس بعيدا عن هذا الأفق ما حاول الجابري النهوض به، فقد أقام مشروعه الفكري كذلك على أساس العلاقة بين العقل والنقد، متخذا من العقل موضوعا ومن النقد أداة، متطلعا في أن يدشن عصرا نقديا في المجال العربي المعاصر، مبتدئا من نقطة البداية عند كانت الذي طالب بفحص العقل قبل استعماله.
أما أركون فكان أقرب في تمثله إلى صورة المفكر الفرنسي جاك دريدا «1930 - 2004م» صاحب المنهج التفكيكي القائم على المراجعة والنقد وتغليب منطق الاختلاف وإزاحة منطق الهوية، ظهر ذلك متجليا في الاستغراق النقدي الواسع عند أركون ودعوته المستمرة إلى المراجعة والتقييم الشامل، ساعيا لوضع التراث الإسلامي بأكلمه على محك النقد والمراجعة.
هذا عن جانب التفارق بينهما، أما جانب التشابه فهما يلتقيان في الأخذ والاقتراب من المفكر الفرنسي ميشيل فوكو «1926 - 1984م»، فقد أخذ منه الجابري، لكن أركون كان أوضح في الأخذ منه، إذ أخذ منه ما يعرف بالحدود الثلاثة وهي: المفكر فيه واللامفكر فيه والمستحيل التفكير فيه. وتأكيدا لهذا التشابه وتدعيما له جاء كتاب الباحث الجزائري الدكتور الزواوي بغورة الموسوم بعنوان: «ميشيل فوكو في الفكر العربي المعاصر» الصادر سنة 2001م، مقدرا أن فوكو قد تحول إلى مرجعية فكرية أساسية لمجموعة من المفكرين العرب المعاصرين، وجاء في مقدمتهم الجابري وأركون.
لم يمر هذان المشروعان بسلام في المجال العربي، فسلاح النقد الذي استعمله الجابري وأركون قد وجه لهما أيضا بذات القوة وأشد، فقد تعرض مشرعيهما إلى نقد شديد بقي مستمرا وسيظل مستمرا ولن يتوقف. مع ذلك يسجل لهذين المشروعين بغض النظر عن جانب الاتفاق والاختلاف، أنهما قدما إلى الفكر العربي والإسلامي خبرة نقدية، وأسهما في انتعاش الأفق النقدي في المجالين العربي والإسلامي.