آخر تحديث: 18 / 4 / 2024م - 7:35 م

التحرر من الانطوائية

المهندس أمير الصالح *

بعد الحجر الصحي الطويل بسبب وباء كوفيد 19، واجه عدد ليس بالقليل من العوائل مشكلة جديدة داخل بيوتهم وهي انطوائية بعض أطفالهم/ المراهقين واعتكاف بعض الأطفال على الحواسيب لمدد طويلة ورهبتهم من أي تجمع بشري سواء بصالة أفراح أو دور عبادة أو أسواق. وفي الواقع

يتمتع معظم الانطوائيين بمهارات ومواهب فريدة ومميزة، لكن في كثير من الأحيان يجدون صعوبة في التعبير عن أنفسهم بشكل كامل لأسباب مختلفة. وهذا الأمر يعيق الانطوائي عن الوصول إلى استكشاف إمكانياته الحقيقية فيخسر هو وأهله ومجتمعه الكثير الكثير.

لعل من أهم الأسباب لنشوء وتجذر الانطوائية هي

الصعوبة في التعبير عن الذات نتيجة لطغيان مشاعر معينة مثل:

- ماذا سيفكر الناس عند النظر إليّ

- الخوف من الفشل حتى عند المحاولة

- عدم التحقق من صحة الذات النفسية

- انعدام الثقة بالنفس

- تغذية العقل الباطن بمفهوم: ”أنا لست جيدا بما فيه الكفاية“

- تدني قيمة الذات للذات

- انعدام الأمن العميق الجذور داخل النفس

- الالتصاق بالفاشلين

- الاستماع للمتهكمين بشكل جاد

- سيطرة هاجس الخوف من أغلب الأشياء

كيفية الخروج من هكذا وضع:

ليس هناك وصفة سحرية ولكن مجموعة قراءات أدت لتشخيص مجموعة طرق تعين وتعاون الأهالي في تجاوز ذاك الوضع عند أي طفل أو مراهق أو رجل أو امرأة.

في البداية لا بد أن نقر بأن الإنسان فطريا بُني على أساس حب البقاء. والعقل مصدر تخزين التجارب وفرز وإصدار الأوامر السلوكية. ولذا من المهم جدا إرسال رسائل تطمينية للعقل لكسر حواجز نفسية عند الانطوائي مفادها بأن هذا أو ذاك السلوك لن يجلب المشقة ولن يكسر منطقة الراحة ولن يرفع مستوى القلق ولن يعرض النفس للمخاطر. وهناك عدة طرق مستخدمة للمساعدة على التحايل على عقل الانطوائي والمعالجة مثل الإيحاء والتحدث الذاتي وتقبل حقائق معينة وغرس حب خوض التجارب وكسر الرهبة من التجمعات البشرية وإعطاء حد أكبر للمجازفة. ولعل البعض ممن اُبتلي أحد معارفه بداء الانطوائية ينجح في إقناع المصاب به بتفعيل الأمور التالية:

1 - خوض التجربة

لكسر حاجز الخوف وتخطي منطقة الراحة وتفادي النظرات السلبية من الجيد أن يرسل الانطوائي رسائل لعقله مفادها بأن هذه مجرد تجربة ليس أكثر. فيقول لنفسه ”أنا فقط أحاول“. عندما يخبر الانطوائي نفسه ”أنك تحاول فقط“، حينها سيجرب طبق طعام جديد أو لباس جديد أو زيارة مكان جديد. فقد يرى مع تكرار المحاولة أنه نشاط ممتع بدلاً من إجبار النفس على منطقة غير مألوفة.

هذا المنظور سوف يريح عقل الانطوائي. ولن يثير قلقه وسيبقيه هادئا. استخدام عبارات مثل:

- لا شيء يمنع من خوض التجربة

- من السهل إنجاز ذلك فليس هناك أي خسارة

- إنها فقط تجربة مرة واحدة إن نجحت وألا يكفي شرف المحاولة

2 - التصرف وفق القيم

هذا الأمر يُعتبر فن من فنون استنطاق قواعد اللعبة بأسهل الموارد. فعندما تتماشى أفعال الشخص مع قيمة التي يؤمن بها، فإن التصرف يكون تلقائيًا وبثقة أكبر وإيمان أجرأ. نظرًا لأن التصرف ينطلق عفويا ولا يحاول صاحبه إثارة إعجاب أي شخص أو كسب موافقة أي شخص، فإن العمل ناتج عما يعتمر قلب الشخص من قيم يؤمن بها.

هذا المنظور سوف يريح عقل الانطوائي. ويعزز من قيمة الذات لأنه يطابق القيم التي يؤمن بها. استخدام عبارات مثل:

- استخدم كلمة ”لا“، لأنه صادق مع نفسه

- يمكنه التحدث بثقة عن الأشياء التي تهمه، ويقول للآخرين ”أنا مفكر عميق وهذا التخليل يطابق فلسفتي في الحياة“

- يمكنه القول، أثق في كتاباتي لأن نواياي صافية"

3 - عدم أخذ النفس على محمل الجد بشكل مستمر

تنبع معظم معتقدات وقوانين الجغرافيا البشرية المقيدة للذات على أخذ النفس على محمل الجد بشكل مفرط في كل أقواله وسلوكياته وتصرفاته. فينبت شعور: الخوف من الخطأ، الخوف مما يفكر فيه الناس، الخوف من أهل السطوة، الخوف من السخرية، الخوف من الإقصاء، الخوف من النبذ، الخوف من التعبير بكل شفافية، الخوف من أصحاب النفوذ، الخوف من النقد السلبي، الخوف من أهل الكيد، الخوف من القيل والقال، الخوف من الافتراء، الخرف من الكتابة، الخوف من التصريح، الخوف من البوح … الخ.

الحديث الذاتي بين الانطوائي ونفسه والتي تساعد على إرسال رسائل تعزيز للعقل والروح ليتجاوز الإنسان مخاوف التعبير ومن تلكم الجمل المعززة لمعالجة الانطوائي:

- حصلت على حياة واحدة، فاغتنم فرصتك

- الحياة محدودة ولن تعيش إلى الأبد

- الأخطاء دروس فلنتعلم منها

- أنا أثق في ذكائي وعلي أن استثمره

- كل ظرف عسير أو تحدي عارض سوف يمر

من جهة أخرى وللدور الكبير الذي يلعبه أبناء المجتمع «الحاضنة الكبرى للأفراد» في تجاوز الانطوائي انطوائيته، نقول على جميع أبناء المجتمع إظهار الاحترام للأطفال بشكل خاص والمراهقين بشكل أخص وتفادي أي انتقاد جارح لهم أو التسقيط لشخصيتهم أو التطفل على أمور حياتهم أو الاستهزاء بمظهرهم أو التهكم على بعض تصرفاتهم أو النصح العلني لهم. فقد يحدث البعض بسبب تعليق أحمق وابله، انتكاسة في أنفس أولئك المراهقين الانطوائيين.