آخر تحديث: 21 / 11 / 2024م - 7:09 م

لماذا يحب الناس الإمام علي؟

ليلى الزاهر *

يقول الله تعالى في كتابه الكريم: ﴿إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمنُ وُدًّا «سورة مريم: 96»

روى جمهور العلماء ومنهم الإمام الرازي والنيشابوري أن هذه الآية الكريمة نزلت في أمير المؤمنين، والودّ هو الحبّ في قلوب المؤمنين. ولذلك جاء الخبر في أن تكرار هذه الآية سبب لاكتساب محبة الأهل والأقارب والأصدقاء.

أما إذا بحثت عن حبّ الإمام علي فقد كان قسمة بين الملائكة والناس.

إن شخصية مثل شخصية الإمام علي هي الهرم الإنساني العظيم فقد أحبّه الله وأحبه النبي محمد وأحبه جميع المؤمنين الذين عرفوه حقّ المعرفة فالإمام علي استطاع بكل ماوهبه الله تعالى من مميزات أن يُصبح الرجل الثاني كرجل دولة وساعد الرسول الأيمن في جميع معاركه والثابت في التاريخ قول رسول الله ﷺ في يوم خيبر: «لأعطين الراية غدا رجلا يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله، يفتح الله على يديه»

وهنا يظهر الحب المتبادل بين الله ورسوله وبين أمير المؤمنين.

وفوق كل ذي علم عليم، والله أعلم أين يضع رسالته، ومن يستحق هذه المكانة العظيمة من عباده.

ولم تنتهِ القصّة عند هذا الحد فحسب لكن الله تعالى أراد أن يؤكد هذه المنزلة لعلي!

وأين علي؟ لقد كان عليّ مريضا في غزوة خيبر لكنه جاء على غير العادة يقوده الصحابة لأنه كان يشتكي الوجع في عينيه وبإرادة الله تعالى برأ بريق النبي محمد وهذا الأمر دلالة عظيمة على قدرة الله في أمر يخصّ ولي من أوليائه وأنه سبحانه يقول للشيء فكن فيكون ولمكانة علي عند ربه أعاد له عافيته وصحته فظهرت بطولات لم يسبق لها مثل في خيبر، ثم ابحث في كتب التاريخ لتبصر ماذا صنع علي في خيبر.

وإذا كنّا أنا وأنت نعشق عليّا ونصفه بأنه إمام معصوم مفترض الطاعة فما شأن ملائكة الله تعالى بهذا المعصوم الذي صنع نفسه بنفسه بكمال عقله وفطنته وما أوتي من كفاءات ليصل لمرتبة العصمة ولتتسع هالته المضيئة عبر القرون.

إن أمير المؤمنين رجل عظيم غاب بعضه وبقي كلّه ومازالت تلك الهالة التي أحاطت بشخصه تشعّ نورًا ومع قليل من التّأمل نستطيع أن ندرك أن تلك الهالة أصلها ثابت وفرعها في السماء

اهتزّت وربت عندما أوحى الله تعالى لملائكته أن تهبط للأرض وتحرس الإمام يوم الهجرة عندما بات على فراش الرسول يفديه بنفسه ويؤثره بالحياة فكان جبرئيل عند رأسه وميكائيل عند رجليه، وماهذا الإعجاب وتلك الدهشة؟!!

إذ يقول جبرئيل:

بخ بخ من مثلك يا ابن أبي طالب يباهي بك الله الملائكة.

وفيما أرى لقد دوّت هذه العبارة مرة أخرى

فقد صرح بها الخليفة عمر بن الخطاب بعد أحداث غدير خم قائلًا:

«بخ بخ لك يا ابن أبي طالب فقد أصبحت مولايّ ومولى كلّ مؤمن ومؤمنة»

وفي جملة الأمر فقد شملت العناية الإلهية الإمام علي منذ ولادته في جوف الكعبة وفي عمق العبادة حيث استضافته أقدس البقاع قاطبة ووضع الإمام أجمل نهاية لأحداث حياته الصاخبة بالعلم والجهاد والعدل عندما سلّم روحه لبارئها وهو في أبهى هيئة. وقد كانت مطيته في حياته العقل الشجاع، واللسان البليغ والبيان المرتجل والسيف الذي لايفلّ أبدا.

أما نحن في هذا الزمن فقد لاح ابن أبي طالب في آفاقنا نجما ساطعًا، عشنا معه بأرواحنا فأحببنا سيرته وأصبح لنا صوت يذكر علي في كل لحظةِ شجنٍ، ولحظة فرح.

حلم الأديب هو، وقدوة المحارب وشغف المنتصر عبر القرون ذلك أمير المؤمنين.