آخر تحديث: 28 / 3 / 2024م - 5:41 م

المرأة تصنع الانتصارات في كربلاء

قراءة في كتاب دور المرأة في النهضة الحسينية

رضي منصور العسيف *

اسم الكتاب : دور المرأة في النهضة الحسينية.
المؤلف : الشيخ الدكتور عبدالله أحمد اليوسف
عدد الصفحات: 52 صفحة من القطع الوسط.
الطبعة الأولى 1432هـ 2011م.
الناشر: دار البلاغ ـ بيروت ، لبنان.

لم تكن المرأة بعيدة عن المشاركة في نهضة عاشوراء، بل كان لها دور مميز في جميع فصولها، ولقد رسمت المرأة أروع الصور في تلك النهضة المباركة، ووقفت بكل شموخ أمام ذلك الطغيان، متحدية كل تلك الممارسات الهادفة إلى وأد النهضة.

وهذا ما يبينه سماحة الشيخ عبدالله أحمد اليوسف في كتابه ( دور المرأة في النهضة الحسينية ) حيث استعرض فيها سيرة مجموعة من النساء ( الخالدات) مبيناً الدور الرسالي والريادي الذي قامت به كل منهن، وهؤلاء النسوة هن:

1- العقيلة زينب بنت أمير المؤمنين.
2- دلهم بنت عمرو (زوجة زهير بن القبن).
3- مارية بنت منقذ العبدية.
4- طوعة التي استضافت مسلم بن عقيل.
5-أم وهب (قمر بنت عبد أول شهيدة في كربلاء).

وعند قراءة الكتاب يمكننا أن نستخرج منه مجموعة من الأفكار، نبينها بصورة موجزة:

المشاركة في صناعة الحدث

إن كل فرد لاشك وأن له قدرة معينة يمكن من خلالها المشاركة في صناعة الأحداث التاريخية، بل هناك أحداث تستقطب الإنسان للمشاركة في فعالياتها، وهذا ما نجده جلياً في نهضة عاشوراء.

ولقد كان للمرأة حضور ملفت في تلك النهضة المباركة، بل كان لها دور واضح في صنع التاريخ الكربلائي المشرق.
في هذا الكتاب ستقرأ عن عدة أدوار قمن بها مجموعة من النسوة، وكل دور كان له الأثر الكبير في انتصار هذه النهضة، ومن بين هذه الأدوار:

وسيلة إعلامية

إن كل عمل ليس له استمرارية فمصيره النسيان وربما الدفن إلى أبد الآبدين، ولذا لابد من صوت ينشر تلك المفاهيم التي تضمنتها تلك النهضة، وهذا ما نجده جلياً في سيرة السيدة زينب والتي تعتبر بحق صوت الحسين الهادر.
ولقد قال المؤلف المسيحي الكبير (انطون بارا) هذه الكلمة (ثورة الحسين بدؤها حسيني، واستمرارها زينبي)..ولقد عقدت السيدة زينب عدة (مؤتمرات) ـ إن صح التعبيرـ عبرت فيها عن موقفها وظلامة أهل البيت ، ورفضها للسلطة الظالمة.

وهنا يمكن للمرأة أن تتخذ من السيدة زينب قدوة لها في المجال الإعلامي، وذلك من خلال تشكيل المؤتمرات العلمية الهادفة لرفعة الدين الإسلامي، والمشاركة في الكتابة في مختلف الشئون الثقافية، وإلقاء المحاضرات عبر القنوات الفضائية، وغيرها من الطرق الحديثة في المجال الإعلامي.

الجهاد بالمال

تحتاج النهضات إلى بذل الجهد والمال لتحقيق أهدافها، وهناك العديد من الآيات الشريفة التي تحث على الجهاد بالمال أولاً، منها قوله تعالى: ﴿انْفِرُوا خِفَافاً وَثِقَالاً وَجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ سورة التوبة:41.

وفي نهضة عاشوراء مثل هذا الجانب، تلك المرأة المؤمنة (مارية العبدية) التي بذلت أموالها في خدمة النهضة الحسينية وتشجيع الرجال للانخراط في صفوف المجاهدين مع أبي الأحرار الإمام الحسين .

وهذا درس آخر نتعلمه من هذه النهضة المباركة، فكل امرأة تستطيع أن تسهم في ديمومة النهضة الحسينية من خلال دعهما المالي للمجالس الحسينية، أو طباعة الكتب الثقافية، أو مساعدة إحدى القنوات الفضائية للاستمرارية في بث برامجها.

عائلتي في خدمة الحسين

نقرأ في هذا الكتاب عن (دلهم بنت عمرو) التي أثرت في زوجها زهير بن القين والذي كان بعيداً عن الخط الحسيني، وجعلته من رجال النهضة الذين رسموا بدمائهم الزاكية ملامح انتصار الدم على السيف. ونقرأ أيضاً في هذا الكتاب عن (أم وهب) التي دفعت بزوجها ليلتحق بركب الشهداء الأبرار.

نعم فالمرأة هي المحرك للأجواء العائلية، وبإمكانها أن تصنع الرجال الأفذاذ الذين يسهمون في صناعة الانتصارات. ولذا فمن مسئوليات المرأة اليوم أن تبث روح الإيمان في نفوس أفراد العائلة، وتشجعهم للمشاركة في المناشط الاجتماعية الهادفة.

الالتزام بالمبادئ والقيم

حينما نتأمل في سيرة هؤلاء النسوة نجد أنهن على قدر كبير من التحلي والالتزام بالقيم والمبادئ، ولهذا قمن بهذه الأدوار البطولية. ولهذا نجد السيدة طوعة تقف بكل شموخ مدافعة عن القيم والمبادئ المتمثلة في القيادة ( مسلم بن عقيل) في وقت عصيب جداً، وذلك حين تخلى عنه أهل الكوفة. لقد بذلت كل ما بوسعها لأجل الدفاع عنه في القصة المشهورة.

وهذا يدعو المرأة اليوم إلى تنمية الجانب الإيماني، والتحلي بالقيم والمبادئ، لتبقى محافظة على هويتها وشخصيتها أمام تلك الضغوط والتحديات الهادفة إلى تمييع شخصية المرأة.

وأخيراً يمكن القول ومن خلال قراءتنا لكتاب (دور المرأة في النهضة الحسينية): أن المرأة في عاشوراء، وبعد عاشوراء، وقفت جنباً إلى جنب مع الرجل لتصنع الانتصارات العظيمة.

كاتب وأخصائي تغذية- القطيف