آخر تحديث: 26 / 4 / 2024م - 2:42 م

كلام صريح حول الهتافات البغيضة

أثير السادة *

لو سألتني من أكثر أندية كرة اليد انشغالا في العلن بموضوع التعصب الرياضي لقلت لك نادي الخليج، فمنذ تعيين المهندس علاء الهمل رئيسا لهذا النادي وهو يبحث مع فريقه عن استراتيجية للخروج من نفق التعصب الذي يطغى على مشهد التنافس في هذه الرياضة على وجه التحديد، شاهدنا جملة مبادرات وتصريحات، كانت جميعها تدلل على قناعته بأن السير إلى النجاح لا يخلو من الألغام وفي مقدمتها الخطاب اللا أخلاقي الذي يحمله التعصب حين يتحول إلى سلوكيات وألفاظ تفسد تلك المسافة من الاحترام بين أندية المنطقة.

هذا جواب عن سؤال البعض الذي يغمز بأن مقال الأمس هو بمثابة هجوم على الخليج، وتأكيد على أن ما كتبناه وما سنكتبه هو نقاش مفتوح حول طبيعة الإضافة التي قدمتها تلك المبادرات، وأثرها على المشهد الرياضي، حيث الفعالية مشكوك في وجودها، فالهوة بين التمنيات وبين واقع التشجيع مازالت كبيرة.

طبيعة التركيبة الفنية للفريق الأول بيد الخليج كان ينبغي أن تهب الجمهور اعتدالا في لغته وطريقة تشجيعه، وهو يجمع في قوائمه أسماء ووجوها من البلدات المجاورة والتي تبدو في حالة تنافس شديد دائما على المقدمة معه، هذا التعدد في هويات اللاعبين والذي هو خصيصة من خصائص الاحتراف في الدوري السعودي لكرة اليد يفترض أن يساهم في ولادة مزاج تشجيعي مختلف، يتجاوز انعكاسات الصراعات الرمزية بين المدن والقرى في القطيف، والحساسيات الاجتماعية المفتوحة، غير أن ذلك لم يتحقق حتى الآن، الأمر الذي يجعل من جمهور الخليج نسخة مشابهة للجماهير الأخرى في قابليتها للتجاوز والتصادم والسقوط أحيانا في الهتافات البغيضة.

أخلاقيات التشجيع لا يعني أن يكف المشجعون عن مساندة فرقهم، بل يعني التوزان في السلوك واللغة، بعيدا عن الايحاءات والتلميحات التي تتقصد الهجوم والنيل من الطرف الآخر، والتي تتصعد خطورتها كلما انزاحت ناحية النيل من المكان الذي ينتسب إليه هذا الفريق أو ذاك.

على الجمهور أن يعني بأن نادي الخليج بسيهات، كما أن نادي النور بسنابس، والباء هنا تفيد الظرفية المكانية، وهي أندية مفتوحة وإن ارتبطت اجتماعيا بالمكان الذي تقع فيه، النادي ليس المدينة ولا القرية، ولا ينبغي أن نزاوج بين الاثنين إذا أردنا فك عقد التعصب.. المدينة أكبر من النادي، كما أنها أهم من دقائق من اللعب تنتهي بتمزيق صور التعايش الاجتماعي، لذلك على الجمهور المحسوب على كرة اليد بالمنطقة أن يسير للأمام بدل العودة إلى الخلف، أن يبتكر لغته بدل أن يستنسخ أخطاء الآخرين، أن يتعلم لغة الغناء لفريقه عوضا عن الصراخ على خصومه.