آخر تحديث: 23 / 11 / 2024م - 12:54 م

على مائدة من الحب

سعاد محمد الزاكي

قلم... أتوكأ عليه ليكتب سطورا نسجتها المعنويات... وغذتها الوجدانيات.

اتكئ على قلم ليصل فكرة أو يطبع بصمة

بحبر أسكبه فوق عقل القارئ السامع وله مني تحيتي وإخوتي...

معا إما نكتب وإما نقرأ من أجل أن ننمو ونسمو ونعلو ونرقى معا في رحاب الإبداع...

قاصر هذا من يكتب أمام كرم الله وعظمة الله. عن الله أتكلم... فاسمع وتبصر.!!

أغرق في بحرك سيدي... ما كل هذا العطاء وهذا الكرم!! وما هذه المائدة العملاقة!!؟ وما هذه الضيافة الممتدة!

أي حب هذا الذي يتجلى!؟ وأي حنان ورحمة وبركة تصبها إلهي علينا!؟ من أجل ماذا؟ وإلى ماذا تريد منا أن نصل!

شهر لمجرد أنه شهر نسب إلى الله أصبح أفضل الشهور والأيام والساعات وفيه نتنفس التسبيح، وعندما نتكاسل يصبح النوم عبادة، والعمل أيا كان عنده فهو مرضي ومقبول!

وعندما نعمل ونسعى يتضاعف الأجر.، وعندما نحسن الخلق نكون قد اجتزنا صراطا هو أحد من السيف وأدق من الشعرة وهو تصوير لا يمكن تخيله ولا يمكن اجتيازه بل نرتعب من وصف الله له لكنه مع ذلك يبث فينا اطمئنانا بالعبور والنجاة.

ثم بعد ذلك يحثنا ويوجه الأنظار والعناية إلى مبدأ الإكرام والعطف والشفقة والبر لفئات فقدت احتياجها الطبيعي وحرمت استقرارها وأمانها من الأبوة أو كفالة زوج أو حرمان فقير ومسكين …إلخ

ثم يدعو للعطاء والسخاء بالصدقة وإطعام الطعام بعيدا عن التكلف!! بل يعتبر شق التمرة أو شربة ماء إطعام لينال الجميع فيض السخاء. وجزاء الإحسان.

ويقرن صلة الرحم بصلة رحمته علينا والعكس.

بل ويلتفت إلى أدق من ذلك إلى كف الشر والأذى عن الآخرين بكف الغضب من رب العالمين.

في سطوري هذه أضيع على أي منها أسلط الضوء! وأي منها أغذي الامتنان فينا نحو الله، نعم إلهي هو الحنان إذ يمسح على رؤوسنا ويتعطف على اليائس بالأمل والفاقد للنجاة عبر طرق أبواب الدعاء فيضمن لنا دعوات مستجابة مرفوعة بل وأكثر.

دعوات مستجابة وراء كل ختم آيات قرآنية أو بعد أداء الصلاة في وقتها أو عند أول لقمة للصائم كأنه تعالى يدلل عباده بالاستجابة وراء كل عمل خير.

نحن بين شتات ضيافة الله علينا وامتدادها أسأل...! من كل هذا وخلال ثلاثين ليلة إلى ماذا تريد منا أن نصل...!؟ هل أن أكون فائزا بجناتك أو أن أكون مرضيا وسعيدا بين خلقك... أو ملكوتيا على أرضك.

لست عالما ولا ربانيا بمعرفته لكني شممت تحذيرا منك إلهي ألا أكون شقيا خائبا... أو متهاونا في الطلب والرغبة فيما عند الله.

هذه هي الضيافة معروضة للجميع. لكل الأعمار ولكل الأشخاص والأجناس وعلى مختلف المستويات وتفاوت الإيمان. دعوة للعامل وللمتكاسل أن يعمل وللعالم ونقيضه الجاهل وللواعي والغافل تنبيه باللغة الصريحة «أيها الناس قد أقبل إليكم شهر، وأيها الناس إن أبواب الجنان في هذا الشهر مفتحة...»

هذه هي الدعوة العريضة المفتوحة والحقيقة النورانية... تعال لنقلب الصفحة

لأسطر فكرة تلمع برأسي ولها بريقها. أن الله من وراء هذه المائدة وهذه الامتيازات في هذا الشهر الكريم. أراد أن يوجهنا لمحور أساسي وعنوان عريض أن لا تبقى كما أنت. تغير، تقدم، تطور، تحرك. أسعى نحو الأمام في كل أبعادك كإنسان في السلوك على مستوى التعامل مع الآخرين وعلى مستوى تهذيب النفس وعلى المستوى الروحي بل والعقلي عند التفكر والتأمل في كل شيء... يريد الله منا أن نركز ونكثف ونعمل بوعي وأن نكون يقظين ومنتبهين ليس فقط على مستوى التصرفات بل تصل إلى مستوى المشاعر والوجدان والإحساس بالآخرين ففي خطبة الرسول ﷺ «وتحننوا على أيتام المسلمين، وقروا كباركم، وارحموا صغاركم،» هذا من جهة ومن جهة أخرى يريد منا أن نتذكر على الدوام دار القرار والاستقرار وأن الدنيا محطة نذخر فيها العمل الثقيل قال تعالى: ﴿وأن ليس للإنسان إلا ما سعى * وأن سعيه سوف يرى أو بستان نجني ثمارها لما بعد، ففي خطبة الرسول ﷺ «واذكروا بعطشكم وجوعكم جوع يوم القيامة»، «إن أنفسكم مرهونة بأعمالكم ففكوها باستغفاركم»

يجب أن نطوي …لا لا بل أن نمزق الصفحات التي تلهينا عن الضيافة الذهبية الثمينة كمتابعة البرامج التلفزيونية التافه والتسكع في الدوانيات والبحث عن الترف والترفيه والتسلية وهدر الطاقات بالقيل والقال والاستمتاع بالغناء والأنغام!! وملء الوقت بالفراغ والطعام وتصحر الأهداف والغايات.

فإن الشقي من حرم غفران الله في هذا الشهر العظيم...