آخر تحديث: 26 / 4 / 2024م - 1:52 ص

التعامل مع ابني المراهق يقلقني‎‎

ما يسبب الألم والدهشة في نفس الأب والأم هو تلك التغيرات التي تحدث في شخصية ابنهما بعد أن يتجاوز مرحلة الطفولة ويدخل سريعا مرحلة المراهقة المتعبة، فذاك الطفل المطيع والملتصق بوالديه قد تغير فجأة إلى شخص يميل إلى الانفراد بنفسه، والمشكلة تكمن في عدم إحاطتهما بخصائص مرحلة المراهقة وما يعتريه من تغيرات وكيفية التعامل معها بهدوء، فهذا ما يدخلهما في دوامة ومقابلة تصرفاته بردة فعل عنيفة تنتهي في كثير من الأحيان بالمشاحنات وشعور الطرفين بأن الآخر لا يفهمه ولا يقدره، إذ يلوذ الأب وهو متحير ومتندم على ضياع جهوده الكبيرة في تربية طفله والاعتناء بتربيته ومتابعة سلوكياته والتدقيق في علاقاته على مستوى محيطه الاجتماعي وبيئته التعليمية في صغره وها هو اليوم يرى زرعه لما يثمر، والحقيقة أن مرحلة المراهقة مخاض بين الطفولة والوصول إلى حالة النضج والرشد الفكري والاتزان النفسي والوجداني، ومتى ما أحسن الوالدين التعامل معه بحكمة وأقاما معه وشائج الحوار وفق أسس الاحترام لشخصيته وتقبل ما يطرحه من وجهات نظر وإن كانت بعيدة عن ساحة الصواب سيبقي حبال المودة والاحترام قائما بينهم، فما دام الوالدان مستمرين في متابعة ابنهما أو ابنتهما في تصرفاتهم وسلوكياتهم في هذه المرحلة الحرجة فلن تكون أكثر من مرحلة تحمل بعض العناء ثم تختتم وتنتهي، والمهم أن يحملا ثقافة بمرحلة المراهقة وأهم السلوكيات التي تصدرا منه وكيفية التعامل معها بحكمة بعيدا عن الانفعالات.

وإذا صدر تصرف غير لائق أو خاطئ منه لا بد من مواجهته وتنبيهه عليه والطلب منه أن يصححه ويعدله، والأمر هنا في كيفية إيصال الرسالة إليه وترقب تقبله لها بنسبة كبيرة، فالتنبيه المباشر والشد معه ووقوع بعض الألفاظ التي يستشعر معها بالإهانة أو الانتقاص من شخصيته سيدخل الوالدان في متاهة ومشكلة جديدة، والأفضل أن يكون الحديث معه بشكل غير مباشر فيتحدث الوالدان معه وكأنهما يشيران لشخص آخر حول سلوكه وتقييمه وطرح السبل لتصحيحه، ولا غرابة إن وجدت المراهق يشاركهما الحديث حول ذلك وذمه لذلك الفعل المشين، وهنا تأتي الفرصة المناسبة لهما لتأكيد ثقتهما به وطلب أن لا يكون ذلك السلوك المشين مما يصدر منه، فالحديث معه وكأنه شخص كبير وناضج سيؤتي أكله ومنافعه مستقبلا عندما تتشكل معالم النضج في فكره والاتزان في سلوكه.

وإسناد مهمة للمراهق في محيط الأسرة وتوكيله بتنفيذها يمنحه الثقة بنفسه ويجعله قريبا من أفراد الأسرة، ولا ننسى أن أسلوب التشجيع يؤثر إيجاب على كل إنسان، ويشعر بأن وجوده مقبول في محيطه بل وينظرون له كفرد منتج له عمل يقوم به، وقد يقوده طموحه نحو تجويده وإتقانه بشكل أكبر، فمن الخطأ التهكم على الشئون المنزلية التي يقوم بها المراهق كالمساعدة في الطبخ أو ترتيب الأثاث، أو مشاركة المراهقة في التخطيط لرحلة ترفيهية للأسرة في نهاية الأسبوع.

وبلا شك في أن للمراهق أسراره الخاصة التي يحب أن يحتفظ بها ولا يسمح لأحد بالاطلاع عليها أو اقتحام شئونه دون إذنه، واطلاع الوالدين على بعضها لا يعني التسرع بكشفها أمامها وذلك لطلب التراجع عن الأخطاء منه، فقد تتحول عنده ردة فعل قوية تأخذه نحو الإصرار على الخطأ والتمادي فيه كنوع من التحدي ورد الاعتبار بحسب نظره، والأفضل أن يشعره والداه بأنهما بقربه وآذانهما صاغية لحديثه متى ما رغب في ذلك، فهذا سيزيد من لحمة الثقة والاحترام بينه وبين والديه.

والاهتمام الحقيقي يكون بتقوية شخصيته ومساعدته في اكتشاف مواهبه ومهاراته الخاصة لتقويتها وتنميتها، هو أهم ما يحتاجه المراهق في هذه المرحلة، فالفكرة بأن هناك من هو خائب ولا فائدة منة خاطئة وتقييم بعيد عن الصواب، فلا يوجد من لا يمتلك المهارات الخاصة به والتي يتناسب معها أحد الحقول التعليمية أو التقنية ”التكنولوجية“، فمجرد أن مستواه الدراسي لا ينال رضا والديه لا يعني هذا أنه لا يفلح في شيء أبدا، وإنما يعني الحاجة إلى العناية به ومساعدته في أخذ الدروس الخاصة بأهم مبادئ القوة المستقبلية وتعليمه مهارات الحياة المساندة له في وسط لحج المشاكل والأزمات التي ستصادفه.