آخر تحديث: 25 / 4 / 2024م - 10:23 ص

الرجال ضحايا لابتزار الفتيات

علي جعفر الشريمي * صحيفة الوطن

الحلقة التي عرضها المسلسل الكوميدي «طاش ما طاش» وقد أطلق عليه هذا العام «طاش العودة» في ثالث أيام شهر رمضان عن قضية الابتزاز حلقة مهمة، حيث يأتي الابتزاز من نساء أو فتيات فاسدات منحرفات، ومحاولتهن ابتزاز الشباب بأحدث الطرق غير المشروعة، في محاولة وضيعة لاستغلال أنظمة الجرائم المعلوماتية، ونظام مكافحة التحرش في المملكة بهدف جمع أكبر كمية من المال.

الحلقة لاقت رواجًا واسعًا وردود أفعال كبيرة في مواقع التواصل الاجتماعي. مغردو موقع «تويتر» أكدوا على أهمية اتخاذ تدابير إدارية ونظامية أكثر غلظة من أجل الحد من هذه التصرفات المشينة غير المسؤولة. يبدو أن ازدياد مثل هذه الحالات، ولا أعرف هل وصلت لحد الظاهرة أم لا؟ خاصة مع غياب الدراسات التي تطرق مثل هذه الموضوعات الاجتماعية المهمة، بالذات أن هذه الحالات زادت مع دخول وسائل التواصل الاجتماعي في سحاباتنا الإلكترونية.

وجرائم الابتزاز صارت تنتشر بشكل واسع وقد تطوّرت مع مرور الوقت وخرجت منها جماعات منظمة، تهدف لجني الأموال من الضحية مستخدمين مبدأ التخويف كأحد أهم أسلحة الابتزاز.

السؤال المطروح: ما هو سبب تكرار مثل هذه الحالات على السطح؟ أو بعبارة أخرى ما الجذور الفكرية لهذه السلوكيات الغريبة على مجتمعاتنا؟

في الواقع مثل هذه التصرفات وإن كانت غريبة علينا على مستوى الشكل إلا أنها ليست بالجديدة على مستوى المضمون، ولعل ذلك يظهر بكل وضوح عند تعريف الابتزاز الذي تعرفه لنا قوانين المملكة بحسب ما نصت عليه المادة رقم «2/3» من نظام مكافحة الجرائم المعلوماتية السعودي وهو «تهديد شخص بهدف ابتزازه وذلك لحمله على القيام بفعل ما أو الامتناع عنه. لو كان قيامه بالفعل أو امتناعه عنه مشروعًا» فالتهديد والتخويف هنا هو شرط أساس للابتزاز وبالتالي يدخل الابتزاز كصورة من صور العنف، فالعنف والخوف وجهان لعملة واحدة، وكلما زاد عنف الإنسان وشراسته دلَّ ذلك على خوف يعشش داخله. الإنسان العنيف، تجده دائمًا يكره ويقتل ويعذب ويبتز أشخاصاً لا يعرفهم، هو إنسان خائف، وللتعبير عن ذلك الخوف يستسهل التعذيب والتفنن في ابتزاز الآخر، ويبحث عن مبررات واهية لشرعنة العنف. نعم قد يكون عنف المرأة أقل أنواع العنف ملاحظة إلا أنه يبدو من أكثرها تأثيرا، فالعنف الظاهر والمفضوح يأتي من الذكر نحو الأنثى، وهو نوع يمكن معاينته وكشفه وإيقافه وإيقاع العقاب على مرتكبه.

ولكن العنف المستور هو مستور، أي هنالك تواطؤ على ستره، هو عنف ذكوري بقالب أنثوي، فالثقافة الذكورية هي المهيمنة ولها امتدادها التاريخي، قبلت فيه المرأة وضعها المعنف، وبدل أن تقاومه، أصبحت تمارسه على بنات جلدتها نيابة عن الذكر وبمباركة منه.

وتبدأ ممارسة هذا النوع من العنف من الأم ضد ابنتها، ليس كرها لها، وإنما تطبيقًا للعقلية الذكورية التي تشربتها وترعرعت عليها، وها هي الآن وفي هذا الإطار تريد أن تتفوق على من علمها هذه الثقافة، فأصبحت تمارس ذكوريتها على الذكر نفسه وتعذبه وتتفنن في ابتزازه، وعليه يجب على مؤسساتنا الاجتماعية والتربوية اتخاذ التدابير كافة للحد من ثقافة العنف والابتزاز حيث إن تداولها وتكرارها بهذه الصورة البائسة يعد انتهاكًا صارخًا لحقوق الإنسان.