آخر تحديث: 6 / 10 / 2024م - 9:39 م

إيحاءات قرآنية.. التحذير من خطوات الشيطان‎‎

السيد أمير كاظم العلي

الإسلام دعوة إلى الحياة المطمئنّة، هدفها تحقيق السلام بين النّاس، وسبيلها نحو ذلك هو الاستسلام لله تعالى، والاستجابة لأحكام الدين وتوصياته، بعد التفاعل الوجداني مع معارفه وآفاق نظرته إلى الكون.

ما أجمل هذا التوصيف القرآني لدعوة الإسلام!، وهو يصلح أن يكون إجابة على كلّ مشاغبات المناوئين لخطاب الدين القيَمي والمعرفيّ والأحكاميّ، أو المستفسرين عن إشكالاته؛ فإنّ القيمة العليا للدين هي السلام الروحيّ والاجتماعيّ، وذلك ما لا يحصل إلّا إذا تحوّل السلام والاستقرار إلى مجال وأفق وبيئة يعيش فيها الإنسان المؤمن.

ولكن كيف يكون السعي إلى السلام والاطمئنان مثمرًا ومنعكسًا في الواقع، وكيف يتمّ الخروج من دوّامة القلق المهيمن على روح الإنسان المعاصر، والتوتّر والنزاع المسيطر على المجتمعات العالمية؟

لا يكون ذلك إلّا بأن يحقّق الناس جميعًا انسجامهم مع فطرتهم وطبيعتهم الخالصة، التي تدفعهم إلى الارتباط بقوّة مطلقة، ووجود غيبيّ غير محدود، وهو الله سبحانه، ارتباطًا روحيًّا ونفسيًّا بذكره والتقرّب إليه واستشعار رحمته، وارتباطًا سلوكيًّا عمليًّا بالتعرّف على أحكام شريعته، وتوصياته الأخلاقيّة، وما لم يحصل ذلك، بأن تخلّف عن المسيرة الدينية الإلهيّة بعض البشر، أو بعض الجهات الفاعلة والأفراد المؤثّرين في المجتمعات فسيبقى القلق الوجودي مصيرًا يلاحق العالم البشريّ، وإن تحقّق شيء من السلام النسبيّ للأفراد أو المجتمعات التي تطبّق شيئًا من الارتباط بالله تعالى، فسيكون قاصرًا غير مكتمل، ودون المستوى الشامل والمأمول.

وإذا كان الدين والدعوة الإلهيّة هي السبيل إلى سلام البشريّة واطمئنان الإنسان فإنّ ذلك لا يحصل دون مواجهة من يقف في وجه هذا المصير المنشود، وهو الشيطان بكلّ أدواته ومشاريعه وأتباعه المنخدعين به. فإنّه يتربّص بالمؤمنين متى استطاع، بأساليب متعدّدة، وخطوات متتالية لا تهدأ.

المشكلة المعقّدة في هذه المواجهة، هو أنّ خطوات وأساليب الشيطان لا تأتي واضحة جليّة مكشوفة، ممّا يؤدّي إلى انخداع المؤمنين به، من حيث لا يشعرون. بل قد يتسلّل إليهم في داخل تفكيرهم الديني، فيجعلهم يتورّطون مثلًا في اجتهادات مخالفة لروح الإسلام، أو يتّخذون مواقف حماسيّة يحسبونها دفاعًا عن الدين بينما هي تضرّ به وتشوّه صورته وتبعد الناس عن الانجذاب إليه، وتبعّد فرصة الوصول إلى السلام الذي هو الهدف الأعلى كما أسلفنا.

ولكي يسلم المؤمنون من الانجرار إلى مخطّطات الشيطان الخفيّة، فإنّ عليهم أن يستحضروا عداوته البيّنة والواضحة، ويتذكّروا أنّه لن ينقطع عن هدفه المتمثّل في إغوائهم وصدّهم عن سبيل الله، وأن يعترفوا بعدم عصمتهم عن التأثّر بإغواءاته، ويلجأوا إلى الله سبحانه، بالتوبة وطلب المدد؛ حتّى يوفّقهم في حربهم الأبديّة ضدّه.

﴿ىَۤأَىُّهَا آلَّذِىنَ ءَامَنُوا۟ آدۡخُلُوا۟ فِى آلسِّلۡمِ كَاۤفَّة وَلَا تَتَّبِعُوا۟ خُطُوَ ⁠تِ آلشَّىۡطَنِۚ إِنَّهُۥ لَكُمۡ عَدُوّ مُّبِىن - سورة البقرة؛ 208.