آخر تحديث: 24 / 4 / 2024م - 11:56 م

نكْهة عيد الأم

ليلى الزاهر *

كلّما لاحت تباشير الاحتفال بعيد الأم أشعر بالحزن على كلّ من حمل هدية بين يديه وأراد أن يقدمها لأمه لكنه بحث عنها فلم يجدها إلّا بين القبور.

بينما يعيش آخر بعيدا عن أمه تجمعهما زجاجة الهاتف النّقال يراها ولايستطيع أن يضمها إلى صدره، أبعدته ظروف عمله أو دراسته الجامعية.

وكثير هم أولئك الذين يحلمون بأمهاتهم ويعجزون عن البوح بمشاعرهم فلا يشعرون بنكهة عيد الأم، بل يمرّ عليهم يوم عيد الأم وهم في شوق لأمهاتهم لسبب أو لآخر..

لقد سألتني صديقتي عن موعد عيد الأم فأجبتها بأنه كان بالأمس، فأردفتْ قائلة:

لم أشاهد بوادر هذا العيد المبارك بعد.

أجبتُها مُمازحة: أراك تنتظرين هديتك على عجل.

لكن ملامح وجهها تحدثت قبلها لتقول:

«اللهم ومُنَّ عليَّ ببقاء ولدي وبإصلاحهم وبإمتاعي بهم إلهي امدد لي في إعمارهم وزد لي في آجالهم ورب لي صغيرهم وقو لي ضعيفهم وأصِحَّ لي أبدانهم وأديانهم وأخلاقهم وعافهم في أنفسهم وفي جوارحهم وفي كل ما عُنيتُ به من أمرهم وأدرر لي وعلى يدي أرزاقهم واجعلهم أبرارا أتقياء بصراء سامعين مطيعين لك ولأوليائك محبين مناصحين ولجميع اعدائك معاندين ومبغضين آمين اللهم اشدد بهم عَضُدي وأقم بهم أودي وكثر بهم عددي وزين بهم محضري وأحيي بهم ذكري»

هكذا هو قلب الأم، وما الأم سوى لسان ناطق بالحب والدعاء والحب الذي لايعرف التوقف عند وجهة معينة.

لاتستهينوا بدعاء الأمهات فهو يفتح أبوابًا كثيرة من الرزق، وما توفيقات الحياة إلا بدعاء الأم ورضاها، اجثوا تحت أقدامهن واطلبوا الدعاء منهن فإن دعاء الأم في حق ابنها مُستجاب بإذن الله تعالى.

الدعاء من أفواه الأمهات أكسير حياة، كلمات تتماوج في بحر القلوب لتخرج من لسان الأمهات فتصل للسماء دون حواجز.

الأم وإن أخطأت الطريق للتعبير عن حبها واهتمامها، ستُخبرك الأيام يوما ما أنّها تتصفح وجهك ألف مرة كي تقرأ علامات الاطمئنان المرسومة عليه وتصلي من أجلك شكرًا لله.

أبرم عهدا بينك وبين نفسك أن تُسابق أخوتك في حبّ والديك وخدمتهما لتنال التوفيق في الدنيا والرضا من الله تعالى ولاتنتظر أن يأتي الوقت الذي ينبهك الآخرون بأنّ أمك بحاجة لرعاية واهتمام.

﴿وَ بَرًّا بِوالِدَتِي وَ لَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّاراً شَقِيًّا «سورة مريم: 32»

إن البرّ بالوالدين له طرقه المشرّعة وله أبوابه المتعددة التي تدفعنا إلى المزيد من اكتشاف حاجتهما يوما بعد يوم في كل مرحلة عمريّة يمرون بهما.

أمي وإن طال الزمان حبيبتي أمي وإن اختلف حساب السنوات بيننا إلا أنّها تفتخر برفقتي، حفظ الله أمي من كل مكروه، وجميع أمهات المسلمين في كلّ بقاع العالم. وحفظ قلبها العامر بالخير والإحسان للجميع وليس لأبنائها فقط.