آخر تحديث: 23 / 11 / 2024م - 8:37 م

قصة قصيرة

إلى المدرسة مع التحية...

أحمد علي العباس *

الأستاذ يوزع أوراق الاختبار الشهري على الطلبة كل باسمه ودرجته. أطرق علي رأسه ينظر على سطح طاولته يترقب بوجوم وقلق وخوف فقد صادفته ظروف قاسية منعته من المذاكرة واعتمد على ذاكرته التي أسعفته بالنزر اليسير.

صاح الأستاذ هذه آخر ورقة وآخر درجة للأسف وأضعف درجة: علي ”صفر“.

علا في الفصل الضحك والاستهزاء.

شعر علي بالإحراج على الرغم من أن الطلبة كلهم أصدقاؤه وأودائه لكن مكانته المعنوية قد اهتزت وشاب نفسه الوجوم.

رجع إلى البيت ووالدته وإخوانه ينتظرونه كالعادة على الغذاء. اعتذر منهم بعدم رغبته بالغذاء اليوم ونظر إلى وجه أمه متأثرا تعرف بأن ابنها وفلذة كبدها اعتراه هم كبير. دخل إلى غرفته عاهد نفسه بأن يمحو هذا التأثر يوما من قلب والدته الكبير الذي يستشعر ألمه دون أن يعرف سبب ذلك.

تفرغ للمذاكرة استعدادا للاختبار القادم وشحذ الهمم واستدعى كل مقومات التفوق لست بأقل من جميع أصدقائي الطلبة لكن ظرفا نفسيا طارئا وضعني في موقف حرج لن أنساه. جد وثابر واجتهد وتوكل على الله.

حتى جاء موعد الاختبار الثاني.

ساد في الفصل جو الاختبارات وكل مشغول بنفسه ووضع مريب جميع الطلبة في ارتباك واختبار صعب وهدوء أشبه بهدوء القبور. وليس هناك حركة إلا حركة مروحة السقف تثير الرعب والهلع وإذا بصوت كرسي يتحرك وطاولة تتزحزح ارتفعت الأعناق من هذا الطالب المتفوق أو في الجانب الآخر من عدم المبالاة نظر الطلبة إنه علي ساد في الفصل فاصل من الضحك الخفي كالعادة صفر على الشمال - مثل الاختبار الأول الأسهل أخذ الصفر فما بالك بالأصعب.

أخذ الأستاذ ورقته ونظر نظرة سريعة متفحصة هز رأسه بهدوء بالتوفيق يا علي تستطيع مغادر الفصل.

حتى جاء يوم توزيع النتائج ثانية إنه يوم صعب. صاح الأستاذ بالنتائج وكل يواسي الآخر وجميع الطلبة يحتجون على الأستاذ بصعوبة الاختبار والأستاذ يحاججهم لكل مجتهد نصيب والطلبة يعقبون لا نصيب يا أستاذ بقي لنا وهو يقول لهم لنصبر ونرى حتى الأخير كما تعمد الأستاذ ذلك ليقدم درساً آخر للطلبة بقيت آخر ورقة وآخر طالب كل ساده عدم المبالاة وكل يرثي حاله رفع الأستاذ صوته بقيت ورقة إنها أعلى درجة بل الدرجة الكاملة وهنا أعيد وأكرر أنه لكل مجتهد نصيب.

اشرأبت الأعناق وكل لاهي بنفسه لا يعلم من لم تذع نتيجته إلا علي كالعادة مطرقاً برأسه صاح الأستاذ: علي الدرجة الكاملة.

ساد في الفصل الضحك باندهاش والمباركة كل يذكر الاختبار السابق ما هذه المفارقة يا علي. وقف الأستاذ في مقدمة الفصل يحيي علي ويشكره ويضرب به المثل الأعلى للطلبة بأنه قدوة لكل طالب مجتهد بأن لا يفقد الأمل فكل إنسان لديه المقدرة ولكل مجتهد نصيب. أصبح علي قدوة لكل الطلبة محى بها موقفه السابق.

ذهب إلى البيت وجد أمه تنتظره على الغذاء قبل رأسها ونزلت دموعه ببركات دعائك يا أمي وفقني الله.

صفوى