آخر تحديث: 23 / 11 / 2024م - 4:04 م

المهديون.. ضعف الرواية وتهافت اللغة

زكي بن علوي الشاعر

وردت رواية في كتاب «الغيبة» المنسوب لشيخ الطائفة: الطوسي - رحمه الله تعالى - وفي غيره فيها أن النبي - ﷺ - أملى على أمير المؤمنين «صلوات الله وسلامه عليه» وصية.. ولم يذكر في كتاب الغيبة أو غيره صدر الوصية! وإنما جاء فيها: قال رسول الله - ﷺ... - في الليلة التي كانت فيها وفاته لعلي : يا أبا الحسن! أحضر صحيفة ودواة، فأملأ [كذا!]... وصيته، حتى انتهى إلى هذا الموضع، فقال: يا علي! إنه سيكون بعدي اثنا عشر إمامًا، ومن بعدهم اثنا عشر مهديًّا.. فأنت - يا علي! - أول الاثني عشر إمامًا؛ سماك الله تعالى في سمائه: عليًّا المرتضى، وأمير المؤمنين، والصديق الأكبر، والفاروق الأعظم، والمأمون، والمهدي.. فلا تصح هذه الأسماء لأحد غيرك...!

تأمل

ثم تمضي الرواية في أسلوب لا يرقى إلى كلام أفصح من نطق بالضاد؛ بل إلى مستوى «ألف ليلة وليلة»، و«سيرة عنترة»، و«سيرة الزير: سالم»... حتى:... فإذا حضرته الوفاة «يعني الإمام المهدي عجل الله له الفرج، وسهل له المخرج»، فليسلمها إلى ابنه: أول المقربين/المقرين.. له ثلاثة أسامي: اسم كاسمي، واسم أبي، وهو: عبد الله، وأحمد.. والاسم الثالث: المهدي! هو أول المؤمنين.

تهافت

والرواية مسندة إلى أمير المؤمنين - صلوات الله وسلامه عليه - وفيها: عن... أمير المؤمنين... قال رسول الله... لعلي...

لمَ لمْ يقل أمير المؤمنين صلوات الله عليه: ”قال لي رسول الله ﷺ...“... أو: ”أمرني رسول الله... أن أحضر صحيفة ودواة“؟!

ثم تأتي ألقاب لأمير المؤمنين - صلوات الله عليه - كالمرتضى، وأمير المؤمنين...، والرواية تقول: ”... سماك الله:... المرتضى... والصديق... والفاروق...“، أفمن لغة رسول الله - ﷺ - أن يقول للقب: اسم؟! على أننا - نحن المتأخرين - قد نطلق «الاسم» على اللقب، وقد يتسامح بعض المتقدمين في هذا؛ ولكني أسأل عن لغة رسول الله ﷺ.

ثم تقول الرواية: ”... والمهدي، فلا تصح هذه الأسماء لأحد غيرك!“، ويأتي في آخرها: ”... والاسم الثالث: المهدي!“، ويعني بها أول المقربين/المقرين، فكيف أطلق «المهدي» على غير أمير المؤمنين - صلوات الله عليه - في أول الرواية وعلى غيره في آخرها؟! على أن المسلمين - شيعة وسنة - رووا أن في آخر الزمان يظهر ويخرج رجل يقال له: المهدي! فهذه الرواية العجيبة تعارض ما تواتر بين المسلمين؛ بل ينقض آخرها أولها.

جمع الجموع

ومن عجيب ما جاء في هذه الرواية ما جاء في آخرها: ”له ثلاثة أسامي...“، و«الثلاثة» قليل يناسبه جمع قلة: «أسماء». أما «الأسامي»، ففيه لغتان: لغة تضعفه: «الأساميُّ»، ولغة تلين ياءه: «الأسامي»، وهو جمعِ جمعٍ، وليس جمعًا فحسب... أفرسول الله - ﷺ - يطلق جمع الكثرة بل جمع الجمع على «الثلاثة» وهي قليل؟!

الشيخ المصلي

وقد سألت سماحة آية الله: الشيخ مهدي المصلي، وكتبت له: ”لا ينقضي عجبي من سماحتكم؛ إذ لم تشيروا من قريب أو بعيد إلى تهالك ما زعم أدعياء المهدية أنها وصية رسول الله - ﷺ - وركاكتها وضعفها.. إذ لا حظ لها من البلاغة، وسنن العرب الفصحاء!“، فأفاد - أيده الله تعالى - وقال ما فحواه: إنه أراد أن يتنزل لأولئك القوم، ويعالج تلك الرواية، وكأن لا ضعف في السند، ولا خطأ في اللغة؛ فإنها عليهم، وليست لهم، فيحتجوا بها.

الشيخ آل محسن

وأما سماحة آية الله: الشيخ علي آل محسن، فقد بين ضعف الرواية؛ ولكنه لم يشر إلى ركاكتها وضعف سندها، واضطرابها! على أن ردوده على هؤلاء القوم كتابةً ومناظرة ومحاضرة من أقوى الردود، والرجل عالم، وهو أدرى بما يقول ويفيد.

وقد تركت كثيرًا مما ورد في هذه الرواية: مما يدل على أنها ليست من لغة صدر الإسلام؛ بل ليس من أساليب الفصحاء والبلغاء.. وفيما ذكر كفاية.

التعقيبات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
التعليقات 2
1
زكي بن علوي الشاعر
[ القطيف ]: 21 / 3 / 2023م - 10:12 م
اضطرب تعبيري، فأوهم أن سماحة آية الله : الشيخ علي آل محسن لم يبين ضعف سند رواية الوصية المزعومة.
ومعلوم أنه - أيده الله تعالىٰ - قد بين ضعف السند في مناظراته؛ بل عرض له وبينه مفصلًا في كتابه القيم : الرد القاصم.
2
زكي بن علوي الشاعر
[ القطيف ]: 21 / 3 / 2023م - 10:29 م
صواب العبارة : إلىٰ ركاكتها، وضعف لغتها...