آخر تحديث: 31 / 10 / 2024م - 8:43 ص

الشيخ الصفار يحذّر: ثقافة التشدد تشوه صورة الدين وتنفّر الناس منه

جهات الإخبارية

قال الشيخ حسن الصفار إن ثقافة التشدد قد تؤدي وخاصة في هذا العصر إلى تشويه صورة الدين، وتنفير الناس منه.

وتابع: ثقافة التشدد تخالف وتباين ثقافة اليسر والتيسير التي تؤكدها النصوص الدينية.

جاء ذلك خلال خطبة الجمعة بمسجد الرسالة بمدينة القطيف شرقي السعودية بعنوان: ثقافة التشدد.

وأوضح أن التشريعات الدينية تأخذ ظروف الإنسان النفسية والاجتماعية والمعيشية بعين الاعتبار، فهي تتصف باليسر ورفع الحرج.

وتابع: تؤكد ذلك آيات كريمة وأحاديث متظافرة مستفيضة عن النبي ﷺ وعن أئمة أهل البيت .

وأضاف: وبناء على هذا النهج في التشريع الديني قرر الفقهاء المسلمون قاعدة «نفي العسر والحرج» واعتبروها حاكمة على جميع التشريعات، مؤكدًا أن أي حكم يكون الالتزام به سببًا للعسر والحرج يسقط وجوب الالتزام به.

وأشار إلى أن الله تعالى لم يجعل تشريعاته عائقًا للإنسان عن تسيير شؤون حياته والارتقاء بها. حتى لا يكون ذلك سببًا لاستثقال الدين والنفور منه.

وتابع: لكن بعض المتدينين قد ينحون منحى التشدد والمبالغة في الأخذ بالأحكام الشرعية.

ومضى يقول: لقد اتسعت عند هذه الجهات مساحة الواجبات والاحتياطات والمستحبات في القضايا العبادية.

وتابع: كما اتسعت مساحة التحريم والحظر في مجالات الحياة، حتى أصبحت حياة المتدينين ضمن هذه التوجهات غابة من التعقيدات والعوائق والموانع عن الاستمتاع بمباهج الحياة.

وأضاف: مع وضوح اليسر في الأحكام الشرعية حسب النصوص المعتمدة وفتاوى المراجع والفقهاء إلا أن هذه الجهات تطرح مقولات مفادها الإعراض عن التيسير في الأحكام الشرعية.

سوق المسلمين

واستشهد لذلك بمسألة حلية وطهارة ما يؤخذ من سوق المسلمين، والتي عنونها الفقهاء بعنوان: «قاعدة سوق المسلمين».

وذكر أن مفاد القاعدة ”أن اللحوم والشحوم والجلود المعدّة للأكل أو للاستعمال فيما يلزم فيه تذكية الحيوانات، محكوم عليها بالتذكية إن أخذت من سوق المسلمين“.

وتابع: ويستثنى من ذلك ما يعلم الإنسان بعدم تذكيته، أو استيراده من منشأ لا يحتمل أن مستورده المسلم قد راعى شروط التذكية الشرعية فيه.

ولفت إلى وجود روايات وردت عن أئمة أهل البيت تنهى عن السؤال والفحص، عما يؤخذ من سوق المسلمين، ”حيث ورد عن الإمام جعفر الصادق : «كُلْ إِذَا كَانَ ذَلِكَ فِي أَسْوَاقِ اَلْمُسْلِمِينَ وَلاَ تَسْأَلْ عَنْهُ». وجاء في رواية أخرى «وَلَيْسَ عَلَيْكُمُ اَلْمَسْأَلَةُ»“.

وقال: مع كل هذا الوضوح في الحكم الشرعي فإن هناك من المتدينين من يحذّر من الأكل مما في سوق المسلمين بدعوى احتمال عدم ذكاتها واقعًا، فتترك أثرًا نفسيًا وروحيًا، تسلب التوفيق، وتمنع الإقبال على العبادة، وتحجب الدعاء، وتؤثر في الذرية.

وأضاف: مع الإقرار بعدم العقوبة عليها لثبوت حليّتها، وعدم وجود دليل على صحة هذه الفكرة.

وجود الأثر الوضعي

وأشار إلى استفتاءات قدمت لعدد من مراجع الدين كالسيد السيستاني والسيد الشيرازي، وأجابوا بعدم ثبوت دعوى وجود أثر وضعي على الأكل من سوق المسلمين، لأنه محكوم بالحلية.

وردًّا على ادّعاء أن تغيّر ظروف أسواق المسلمين اليوم عن عصر الأئمة، استعرض سماحته آراء الفقهاء ”بأن قاعدة المسلمين مطلقة تنطبق على مختلف العصور، وأن سوق المسلمين في الماضي لم تكن خالية من المخالفات الشرعية أيضًا“.

وأفاد أن من حق الإنسان أن يمتنع عن شراء ما لا يرغب فيه أو لا يرتاح له نفسيًا، لكن لا يصح له أن ينسب ذلك إلى الدين، ويعتبره حكمًا شرعيًا، فذلك نوع من التشريع المحرم.