آخر تحديث: 4 / 12 / 2024م - 11:25 ص

هل تربي ابنك على النفاق؟

الدكتور جاسم المطوع *

إذا كنت تمدح شخص أمام ابنك ثم ابتعد هذا الشخص عنك وبدأت تذمه وتتكلم عنه بسوء فهذا يعني أنك تربي ابنك على النفاق، وإذا كنت تعين شخص على الظلم وتضخم إنجازاته وأعماله أمام ابنك فهذا يعني أنك تربي أبنك على النفاق، وإذا مدحت شخص أمام ابنك وأنت تعلم أنه من أشر الناس وأكذب الناس وأسوء الناس فهذا يعني أنك تربي ابنك على النفاق.

مثلما لو تصدقت أمام ابنك وقلت له لا تكلم أحدا عن هذه الصدقة فإن هذا العمل بيني وبينك فإنك تكون قد ربيته على الإخلاص، وكذلك لو رآك ابنك تتصدق لتوظف هذه الصدقة في خدمة مصالحك الشخصية أو ليعلم الناس أنك تصدقت فيمدحوك فأنت في هذه الحالة تربي ابنك على الرياء وهو أخطر من صفة النفاق، لأن الرياء هو الشرك الأصغر والمراؤون هم أول من تسعر بهم النار يوم القيامة، فسلوكك وكلماتك تأثر في تربية ابنك أكثر من كلامك، وإذا رآك ابنك عندما تقوم للصلاة فإنك تكون متكاسلا فأنت تربي ابنك على النفاق، فقد قال الله تعالى في وصف المنافقين ﴿إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى? يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا، فمن صفات المؤمنين سرعة القيام للصلاة وكثرة الذكر.

فقد يصلي ابنك في البداية أو يتصدق أو يتلو القرآن كي تراه انت، وعندما تكون غائبا يهمل أو يتكاسل، وهذا امر طبيعي في بداية الالتزام لكن إذا تركته يفعل ذلك دون ان تذكره بالإخلاص وتحذره من الرياء فانت تربيه على النفاق، ومن الوسائل المهمة إذا أردت أن تربي ابنك على الحرص على الصلاة أن تعطيه دورا في ايقاظك للصلاة وتذكيرك بها وحضك عليها.

وحتى تحفظ ابنك من التربية على النفاق عليك أن لا تكذب امام ولدك حتى ولو كنت لوحدك لأن الكذب من صفات المنافقين، فلو سمعك تكذب صار يبيح لنفسه الكذب عليك أولا ثم على جميع الناس ثانيا، وكذلك إذا خاصمت فلتكن خصومتك على قاعدة ولا تنسوا الفضل بينكم، لأن الفجور في الخصومة من علامات النفاق، فولدك يراقبك عندما يخاصم أحد الوالدين الآخر، ويراقب إن كنت تحفظ الود أم تنساه، ويراك إن كنت تشوه سمعة الطرف الآخر وتكشف سره وتكذب عليه أم تحافظ على العشرة وتتمسك بالأسرة، وعليك أن تراقب خصومة ابنك مع اخوانه أو أصدقائه حتى لا يكتسب صفات المنافقين، وعلمه أن الخصومة قد تزول وأن من الواجب أن يترك للصلح مكانا، وأن معدن الإنسان ورقيه وأدبه لا يظهر إلا وقت الخصومة.

أما عهدك الذي قطعته لولدك أو لغيره فيجب عليك الوفاء به، فان عاهدته ان لا تعنفه مرة ثانية فعليك الوفاء بعهدك، وان عاهدته انك لن تتأخر عليه مرة ثانية فعليك الوفاء بعهدك، واذا قلت لولدك: قل الحقيقة ولن اعاقبك، فان قالها فعليك ان تصفح، فكل ما ذكرنا من صفات سلبية احرص أن لا تقوم بها حتى لا تربي ابنك على النفاق، وختاما نذكر بما قاله رسولنا الكريم ﷺ: «أربع من كنَّ فيه كان منافقًا خالصًا، ومن كانت فيه خَصلةٌ منهن كانت فيه خصلة من النفاق حتى يدعها: إذا اؤتمن خان، وإذا حدَّث كذب، وإذا عاهد غدر، وإذا خاصَم فجر»؛ متفق عليه.