آخر تحديث: 19 / 4 / 2024م - 7:25 م

اختيار العمل والمكافأة العادلة

أمير بوخمسين

العمل هو المصدر الوحيد لعمران الأرض واستخراج كنوزها، والوسيلة الأولى لضمان معيشة الإنسان، واستقرار حياته، فلولا عمله وسعيه في تحصيل معيشته لما أمكن أن يبقى حيا على الكرة الأرضية، ومنذ أن وجد الإنسان انطلق يعمل كادحا في تحصيل قوته وسدّ رمقه. فمنذ فترة طويلة من القرون نوه ابن خلدون بأهمية العمل من هذه الناحية واعتبره ركن الانتاج وأساس كل رزق وکسب، كما اعتبر كثرة الاعمال من أهم أسباب الثروة وكثرة الأموال واتساع الأحوال ووفرة العمران. إذ إن أهمية العمل أخذت تظهر بصورة بارزة في المجتمع الحديث، لاسيما في المجتمعات الأوروبية، حيث أخذ العمال تدريجيا يكونون قوة كبيرة أدت دورة كبيرة وفعالا في الاقتصاد والسياسة.

ومهما يكن من أمر فلا بد من شرح حقيقة العمل وبيان ماهيته، فقد عرف بمعان مختلفة، فله في العرف اللغوي معنى، وله في الأنظمة الحديثة معنى آخر، وهما: المعنى اللغوي: العمل في اللغة - المهنة، واطلاقه على غيرها إما مجازا أو حقيقة من باب الاشتراك اللفظي. وفي علم الاقتصاد: حدد العمل بأنه العنصر الثاني للإنتاج، وهو أثر من الآثار الحياة البشرية ومظهر من مظاهر قوتها ومضائها.

ومن خلال هذا التعريف يتضح أن العمل في العرف الاقتصادي يمتاز بثلاث خصائص: الأول: أنه مجهود يبذل عن وعي وارادة، والثاني: أنه يسبب ألما لمن يبذله، والثالث: أنه يهدف إلى خلق الأموال.

والعمل ينقسم إلى نوعين: الأول: عقلي، والثاني: عضلي.

فالعقلي كل عمل يرتبط بمجهود فكري، كأعمال العلماء والمخترعين والمهندسين. أما العضلي فكل مجهود له علاقة بالجسم يكون فيها أكثر من علاقة الفكر، حيث تغلب حركات الجسم على حركات العقل، كالأعمال الحرفية مثل الزراعة والتجارة وغيرها.

ويعرف العامل «بأنه الشخص الذي يؤدي عملا لرب العمل لقاء أجر بموجب اتفاق خاص أو عام شفهي أو تحريري، ويكون عند أدائه تحت توجيهه أو ارادته، أو على سبيل التدريب أو التجربة» والعمال نوعان: العمال المستقلون - الذين يعملون لحسابهم الخاص - ويمتلكون محلات خاصة بهم. والنوع الثاني: العمال التابعون، الذين يستخدمون لقاء أجر أو راتب معين كالعمال في البناء والزراعة والتجارة.

وقد صدرت مجموعة من التشريعات المختلفة المنظمة لحق العامل وحقوق العمال على المستوي الدولي والوطني، حيث وضعت الاعلانات والمواثيق بصورة مفصلة الأسس العامة لحرية العمل وضماناتها. وأغلب هذه المواثيق التي نادت بحقوق العامل والعمال اهتمت بالحقوق الرئيسية وهي الحقوق المدنية وتتمثل في الحرية كحرية المهنة وتحديد ساعات العمل وتحديد الأجور وحماية العامل من الأخطار وحق الراحة والإضراب عن العمل والحقوق السياسية وتتمثل في حق تكوين النقابات العمالية التي يستطيع عبرها العامل المطالبة بحقوقه، وكذلك المشاركة في إدارة البلاد، والحق في الترشيح أو انتخاب من يمثلهم في المجالس النيابية، أو رئاسة البلاد، سواء بشكل مباشر أو غير مباشر وأخيرًا حرية الرأي والتعبير، سواء فيما يخص العمل أو غيره.

هذه الحقوق ورد ذكرها في نصوص الاتفاقيات، الا أن تصنيفها في هذا الإطار، يعطي وضوحا في معرفة الحقوق ومعانيها.