آخر تحديث: 31 / 10 / 2024م - 8:43 ص

إبليس وأول دعاية كاذبة!

هل يجوز القول: إنّ أول عملية تسويق مغشوشة وضارّة قام بها إبليس؟ عملية موثقة وأدوات التسويق فيها بسيطة جدًّا، لكنها مغرية؛ لا تلفاز ولا راديو ولا أدوات تواصل اجتماعي آنذاك إنما تواصل مباشر. أما الأدوات فهي الترغيب في الحياة الدائمة والمستهدف آدم ومن يُولد من ذريته! ومن دون أن أقعَ في مطبات تفسير القرآن دون علم يستطيع القارئ الكريم والقارئة الكريمة أن يطلع على تفاصيل وقيعة إبليس التعيس بآدم من القرآن الكريم مباشرة ومن كتب التفسير والتاريخ ويتعرف على نتائجها السلبية!

عرف الإنسانُ التسويق والدعاية، وفي هذه الآونة توخ الحذر، الكل عنده أرخص الأسعار وأفضل البضاعة، من أحقر بضاعة وحتى الأفكار والقيم، الكل يقول ”الزود عندي“. لا أحد يقول: لبني حامض، والحقيقة هي قد يكون صحيحًا أو غشًّا صريحا وأنت من عليه أن يعرف السقيم من الصحيح والغثّ من السمين!

وَكُلُّ يَدَّعِي وَصْلاً بِلَيْلَى **** وَلَيْلَى لَا تُقِرُّ لَهُمْ بِذَاكَا

إِذَا انبجست دُمُوعٌ فِي عيون **** تبينَ مَنْ بَكَى مِمَّنْ تَبَاكَى

أنت تبصر فاسمع وتعقل! بضاعة تشتريها وتخرب، ترميها وتشتري غيرها، المال يعوضه الله، لكن الخسارة العظيمة هي في الدين والعقل إذا تبعنا كلّ ناعق! لاحظ الخطاب الفردي في القرآن الكريم، كيف يحمل المسؤولية ويضعها على كتف وعاتق كل إنسان وحده دون سواه: ﴿اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَى? بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا !

إذا اشترينا جهازًا بسيطا قيمته لا تتجاوز مئات الريالات، ترانا ندور على عشرة دكاكين نبحث عن السعر الأفضل والجودة - المزعومة - أما الأشياء الأهمّ وهي الأفكار والدين فبعضنا يأخذه ممن هبّ ودب! أما السلوك والمظهر فهو أسرع شيء نشتريه، نأخذه من ثقافة غيرنا تقليدًا أعمى من الغرب والشرق! إذا اشترينا الطعام ترانا نبحث عن الأجود والأكثر طاقةً وصحة ولا يزيد الوزن! إذن دعونا كما نبحث عن جيّد الطعام نبحث عن جيّد الأفكار!

شهر رمضان يأتي بعد أيام وفيه تتعدد البرامج والأصوات، فيها الضارّ والنّافع والجيّد والأجود وكلهم يبحثون عن مشترين، فأي منها نشتري؟ سباق يبدأ بعد أيام بين مشتتات الفكر في شهر رمضان؛ وسائل تواصل، ملهيات، برامج تسلية، وبين ما هو أكثر فائدة فهل نُقاوم الرغبة في الاستسلام لما هو قليل الفائدة أو عديمها أم تهزمنا؟

مستشار أعلى هندسة بترول