عند...
إدارة المواقف فن من الفنون قد لا يوفق إليه أو إجادته في الوقت المناسب الكثير من البشر. في مدارس فنون إدارة الحياة وصناعة القرار وتفادي المخاطر وصنع الفراسة يتبنى المخطط والمدير والرئيس نماذج إدارية متعددة. وقد ينجح وقد لا ينجح المدير في استنطاق النموذج وقت وقوع الحدث. يوفق البعض في استخلاص الدروس واستنطاق الحكمة من تلكم المواقف ويفشل الكثير في ذلك. ومن يوفق لصياغة الحكمة بشكل بليغ وموجز يكون رائدا في أن يتبنى الناس قوله وتبني تجاربه والاسترشاد بفكره والاستضاءة بخطواته وهداه. سأستعرض هنا جملة من الحكم مع تعليق في نهاية المقال:
1 - عند كثرة العثار والزلل تكثر الملامة.
2 - عند [معاينة] أهوال القيامة تكثر من المفرطين الندامة.
3 - عند [بديهة] المقال تختبر عقول الرجال.
4 - عند غرور الأطماع والآمال تنخدع عقول الجهال وتختبر ألباب الرجال.
5 - عند حضور الشهوات واللذات يتبين ورع الأتقياء.
6 - عند تناهي الشدائد يكون توقع الفرج.
7 - عند انسداد الفرج تبدو مطالع الفرج.
8 - عند الامتحان يكرم الرجل أو يهان.
9 - عند الشدائد تذهب الأحقاد.
10 - عند تظاهر النعم «بمعنى كثرتها» يكثر الحساد.
11 - عند زوال النعم يتبين الصديق من العدو.
12 - عند كمال القدرة تظهر فضيلة العفو.
13 - عند نزول المصائب وحلول النوائب تظهر فضيلة الصبر.
14 - عند تضايق [حلق] البلاء يكون الرخاء.
15 - عند الصدمة الأولى يكون صبر النبلاء.
16 - عند نزول «1» الشدائد تظهر فضائل الإنسان.
17 - عند [نزول] الشدائد يجرب حفاظ الإخوان.
18 - عند الحيرة تستكشف عقول الرجال.
19 - عند حضور الآجال تظهر خيبة الآمال.
20 - عند تصحيح الضمائر يبدو غل السرائر.
21 - عند تحقق الإخلاص تستنير البصائر.
22 - عند كثرة الأفضال وشدة الاحتمال يتحقق الجلالة.
23 - عند العرض على الله سبحانه تتحقق السعادة من الشقاء.
24 - عند غلبة [الغيظ و] الغضب يختبر حلم الحلماء.
25 - عند الإيثار على النفس تتبين جواهر الكرماء.
26 - عند فساد العلانية تفسد السريرة.
27 - عند فساد النية ترتفع البركة.
هذه مجموعة حكم ونصائح مروية عن لسان الإمام علي بن أبي طالب 
في كتاب ”عيون الحكم والمواعظ“ لكاتبه الشيخ علي الليثي الواسطي.
تستحق كل تلكم المواعظ التأمل والتدبر والاقتباس منها وتطبيقها في حياة كل منا. هي أقرب شبه ب التغريدات في زمننا الحاضر من أعظم رجل بعد رسول الله محمد ﷺ وباب علم النبي. فقد روي عن الإمام علي أن: المواعظ حياة القلوب. نسعى وإياكم نحو الكمال وإن كان وكما قال الإمام علي : الكمال في الدنيا مفقود. إلا أننا لا نعدم التناصح بين أبنائنا وأبناء مجتمعنا وو وطننا وأمتنا، وكما قال الإمام أبو الحسنين : ”النصيحة من أخلاق الكرام“. ولكون الإيمان يتطلب النصيحة فإن ”الأمانة إيمان“ كما ورد على لسان إمام المتقين، علي بن أبي طالب . كتاب ”عيون الحكم والمواعظ“ يحوي ما يقارب ثلاثة عشر ألفا وستمائة وثمانية وعشرين حكمة. ونحن على مشارف شهر رمضان المبارك، انصح نفسي والقراء الكرام والكتاب والمحاضرين وأصحاب الندوات والمنتديات الفكرية والمؤلفين للكتب بتصفح ذلك الكتاب والتزود منه لأنه يتضمن كلام قمة من قمم البلاغة والإرشاد وفنون إدارة الحياة واستزراع الفراسة في قلب المؤمن وخارطة طريق للإنسان نحو رضا الله ومكارم الأخلاق وطهارة السلوك وتهذيب النفس. في زمن كثر فيه الهياط وضياع الحقوق وانتهاك الحرمات واستخفاف العقول وجب على العقلاء والغيورين اللجوء إلى محراب الإيمان والقدوات الصالحة وأئمة العلم وحصون الرحمة لاستنطاق الكلم الصالح والنهج القويم ونبذ العمل الطالح. نعلم بأن كثيرا من برامج قنوات التلفزيون والمحطات الفضائية تعج في رمضان بأنواع مختلفة من المسلسلات والأفلام والبرامج المتنوعة، إلا أن الأغلب من تلكم البرامج وحسب مشاهدتي الشخصية لا تخدم أهداف الإنسان في تهذيب وتربية وسمو ذاته في شهر الله. من جميل الحكم القصار المروية عن الإمام علي بن أبي طالب أنها موجزة وبالغة الدقة وعميقة المعى وعابرة للعصور والأزمان. هذا أمر لافت ويستدعي من أصحاب المنابر أن يتبنوه لكسر حاجز الإطناب والتكرار الممل والرتابة لجمهور الشباب والفتيات المتأثر بأساليب الإيقاع السريع والمختصر الوارد في السنابات واليوتيوبات والإعلانات.
