آخر تحديث: 26 / 4 / 2024م - 1:52 ص

كيف أربي ولدي تربية متوازنة وصحيحة؟

الدكتور جاسم المطوع *

قال: كيف أعرف إنني أربي ولدي تربية صحيحة؟ فأنا متردد بين تربيتين، الأولى نموذج تربية أمي وأبي والثانية ما أراه أنا مناسبا في التربية ومختلفا عن تربية والدي، وقد بحثت في النت على جواب لسؤالي هذا فوجدت إجابات كثيرة لم أميز أيهما هو الأفضل، وأنا أريد أن أعرف كيف أربي ولدي تربية صحيحة وتكون لديه شخصية متوازنة تربويا.

قلت: ينبغي أن يكون لديك بوصلة وخريطة تمشي عليها حتى تكون تربيتك صحيحة ومتوازنة، قال: وما هي مضمون الخريطة التربوية؟ قلت: لابد أن تراعي فيها عدة جوانب لينشأ طفلك نشأة متوازنة وصحيحة، فتركز على الجانب الأخلاقي والاجتماعي والإيماني والجنسي والجمالي والصحي ومهارات الحياة، فهذه سبع مجالات لغرس القيم مهم جدا أن تراعيها في تربية ابنك، وهناك جوانب إضافية مثل الجانب الإعلامي والسياسي والاقتصادي يمكنك تربية ابنك عليها لو كان عنده اهتمام أو ميول لها، قال: ممكن تعطيني أمثلة على كل مجال حتى تتضح الصورة عندي أكثر؟.

قلت: نعم، فالقيمة التربوية عندما تغرسها في ولدك معناها أن هذا السلوك أو الخلق له قيمة مهمة، وهي تفيد الطفل في تبني مبادئه وتنظم طريقة تفكيره، ومجموع هذه القيم تبني شخصيته وهويته، فطفل بلا قيم يعني طفل بلا هوية ولا شخصية ولا مبادئ، فهذه مقدمة مهمة قبل أن أضرب لك بعض الأمثلة،

أما الأمثلة على القيم التربوية الأخلاقية مثل الصدق والأمانة والوفاء والاحترام والعدل والرحمة والشجاعة والتواضع، ومن أمثلة القيم الاجتماعية: التعاون وبناء الصداقات الصحيحة والعفة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وبر الوالدين وصلة الرحم واحترام الجار والرأفة بالحيوان وحب العلم والعلماء، ومن أمثلة القيم الإيمانية: التقوى والتوبة والحرص على الصلاة والصيام والصدقة وقراءة القرآن والعطف على الفقراء والعيش مع أسماء الله وصفاته، ومن أمثلة القيم الجنسية: العفة وضبط الشهوة والنظافة الجسدية واحترام الجنس الذي خلقه الله عليه من غير تبديل أو تغيير وحفظ البصر من المشاهد الإباحية وحفظ الجسد من العلاقات المحرمة، ومن أمثلة القيم الجمالية: تنمية الحس الفني والجمالي والذوقي في الأشياء واللباس والطعام والطبيعة، ومن أمثلة القيم الصحية: الالتزام بالرياضة الجسدية والتغذية الصحية والمحافظة على أوقات النوم وحسن إدارة المشاعر وضبط الانفعال والتداوي عند المرض، ومن أمثلة التدريب على مهارات الحياة: تحمل المسؤولية واتخاذ القرار واستغلال الوقت والحوار الناجح ومهارة المفاوضات.

قال: هذه تحتاج لجهد وتركيز وليس كما نربي أبنائنا تربية ردود أفعال فنوجههم عندما يخطئون فقط، قلت: نعم إن التربية حتى تكون ناجحة ومتوازنة لا بد أن تعتمد على أسلوبين: الأول أن يكون لديك خطة تربوية للقيم والمهارات تغرسها حسب عمر الطفل من الولادة إلى البلوغ، والثاني كما ذكرت نوجهه عندما يخطأ وهذا الأسلوب نسميه بالتربية الارتدادية، يعني نربي أبنائنا من خلال توجيههم عندما يخطئون، أما الأسلوب الأول فنسميه التربية الوقائية، والوقاية خير من العلاج.

أما ما نشهده اليوم في أغلب البيوت فإن تربيتهم لأبنائهم تكون في الغالب عشوائية حتى صار تأثير الوالدين ضعيف على الأبناء، فنجد جيل الوالدين يتحلى بأخلاق طيبة ومهارات عالية بينما أبنائهم كأنهم تربوا في بيت آخر أو في مجتمع آخر، وكل جهد الآباء صار في التعليم أكثر منه في التربية وكأن الطفل صار يعيش بمدرستين الأولي مدرسته والثانية بيته، حتى أصبح الأبناء لديهم معلومات علمية كثيرة وعميقة بينما نصيبهم من التربية ضعيف ومعلوماتهم الدينية والأخلاقية ضعيفة جدا.