مِنّ الإنتاجية إلى الابتكار“3”
فيما يتصل بالإنتاجية، فلا فكاك من تحسينها باستمرار تحقيقاً لرؤية المملكة 2030، فالعديد من مستهدفاتها الطموحة لابد من إنجاز قفزات في الإنتاجية لتحقيقها، وأبرز تلك المستهدفات أن يكون اقتصادنا ضمن أكبر 15 اقتصاد في العالم بمعيار الناتج المحلي الإجمالي، وكما نعلم فالناتج المحلي الإجمالي لأي دولة هو قيمة ما تنتجه من بضائع وخدمات خلال عام، ومساهمة قطاع من القطاعات، السياحة أو الصناعة التحويلية مثلاً، هي ما يضيفه ذلك القطاع من قيمة مضافة للاقتصاد الوطني، والقيمة المضافة التي يولدها عامل واحد هي مقياس إنتاجية العمالة؛ قيمة ما ينتجه العامل في الساعة الواحدة، والتي سبقت الإشارة لقيمتها في بعض الدول مثل آيسلندا وكوريا وجنوب أفريقيا.
تنمية رأس المال البشري مرتكزة التعليم، وهو الذي يحدث فارق، وهو الأكثر تأثيراً في النمو الاقتصادي. يُقصد بالنمو الاقتصادي زيادة قيمة ما تنتجه البلاد من سلع وخدمات عاماً بعد عام. والعامل الأهم في تحقيق نمو اقتصادي إيجابي لأي دولة هو الرأس المال البشري الذي تمتلكه تلك الدولة، فكما نعلم جميعاً فقد أحدثت اليابان معجزةً اقتصادية بعد الحرب العالمية الثانية بفعل التعليم والتدريب والتأهيل وبفضل وجود خطة بأهداف، وتحويل كل ذلك لطفرة في الإنتاجية أدهشت الغرب، وكذلك ألمانيا، وبعدهما النمور الأسيوية، فمثلاً لم تكن ماليزيا تملك أي وزن اقتصادي، لكنها أثبتت قدرتها ليس من خلال الاستمرار في تصدير المطاط، بل بالنقلة النوعية التي أحدثتها بتطوير مواردها البشرية واستخدام ذلك المورد استخداماً حصيفاً. وكذلك سنغافورة، التي كان شأنها شان اليابان، لا تمتلك أي موارد طبيعية تُذكر، فنهضة سنغافورة قامت على التميز؛ الإنتاجية العالية، والسياسات الاقتصادية المتقدمة، والحرص ثم الحرص ثم الحرص على التنافسية!
وليس ملائماً أبداً تجاوز ذكر كوريا، التي بدأت خطواتها الأولى للخروج من الفقر والعوز في نهاية الخمسينيات، واتجهت للاعتماد على النفس قدر الإمكان بالإحلال محل الواردات عبر التصنيع المحلي، وكذلك لتنمية صادراتها باستهداف الأسواق الخارجية.